الاستحباب توصّليا فيجزي مجرد الإتيان بالمأمور به ولو بدون قصد القربة ، أو لا يقتضي ذلك ، فلا بدّ في كلّ مقام احرز التّكليف فيه وشكّ في أنّه توصّلي أو تعبدي من الرّجوع الى أصل آخر؟ التّحقيق في ذلك يستدعي التكلّم في مقامات :
المقام الأوّل : لا ينبغي الإشكال في أنّه إنّما يصحّ التّمسك بالاطلاق مطلقا من غير اختصاص له بالمقام فيما إذا كان القيد المشكوك في اعتباره في المطلق على وجه يمكن تقييده به واخذه فيه ، أمّا إذا لم يكن القيد كذلك ومع هذا شكّ في اعتباره في صحّة العمل وإسقاط التّكليف به بوجه من الوجوه كما لو أقمنا اعتباره فيه لأجل احتمال دخله في حصول الغرض من الأمر به كما سيأتي إن شاء الله تقوية هذا الوجه لاعتبار قصد القربة في العبادات ، فلا يمكن رفع ذلك القيد بأصالة الإطلاق ضرورة أن النّسبة بين الإطلاق والتّقييد هي التّضايف وأنّهما يتواردان على موضوع واحد ، فلو فرض أن المطلق في مورد لم يكن قابلا لأن يقيد ببعض القيود لم يصح نفي اعتباره بأصالة الإطلاق ، إذ لا يتمكن المطلق حينئذ من التّقييد ، فلو كان حكيما وفي مقام بيان الحكم ومع هذا لم يقيده بذلك القيد لا يتوجه عليه خلاف كلمة ونقض غرض كي يدفع عنه بحمل كلامه على إرادة العموم والإطلاق ، وإن شئت قلت في مثل هذا الفرض لا إطلاق ولا تقييد فلا يصحّ التّمسك في رفع القيد المشكوك فيه بأصالة الإطلاق ، هذا واضح.
المقام الثّاني : الواجب التّعبدي ما يعتبر في سقوطه وحصول الغرض من الأمر به الإتيان به بقصد القربة فلو أتى به بدونه ولو ألف مرّة لا يدفع استحقاق العقاب ولا يوجب استحقاق الثّواب ، بخلاف الواجب التّوصلي فإنه لا يعتبر في سقوطه وحصول الغرض من الأمر به الإتيان بقصد القربة لا أنه يعتبر فيه الإتيان به مع