أنظارهم ، وهو أنه لو لم تجب المقدّمة لجاز تركها وحينئذ فإن بقي الواجب على وجوبه يلزم التّكليف بما لا يطاق وإلّا خرج الواجب عن كونه واجبا.
وفيه : أنّه إن اريد بالتّالي في الشّرطيّة الأولى أعنى جواز التّرك الإباحة والتّرخيص الشّرعي كما هو ظاهر ، ففيه ما لا يخفى ، بداهة أن المقدّمة إذا لم تكن بواجبة شرعا من جهة كونها مقدّمة الّتي هي كلّ الكلام في المقام لا يقتضي هذا أن تكون مباحة ومرخصا في تركها شرعا ، لإمكان أن لا تكون من هذه الجهة محكومة بحكم شرعي أصلا ، لا بالوجوب ولا بغيره ، وللشّارع أن يحيل حكمها إلى العقل حيث أنه مستقل بوجوبها من باب الأبديّة ، وهذا اتفاقي ، فيمكن أن تكون المقدّمة مباحة ذاتا ، ولكن تكون من جهة كونها مقدّمة للواجب غير محكومة بحكم شرعي أصلا ، لكفاية حكم العقل حينئذ ، وإمكان إحالة الشّارع إليه.
فانقدح ممّا ذكرناه ما ربّما يتوهّم من أنّه كيف يمكن أن تكون المقدّمة غير محكومة بحكم شرعي مع أن كلّ واحد من أفعال المكلّفين لا يخلو من أحد الأحكام الخمسة التّكليفيّة؟ وذلك لأن مفروض الكلام إثبات وجوب المقدّمة من حيث كونها مقدّمة ، فللمانع أن يلزم بخلوها عن الحكم الشّرعي من هذه الجهة وإن كانت مباحة ذاتا وواقعا ، وإن اريد بالتّالي هذا المعنى أعني عدم المنع الشّرعي ، نقول : أن هذا مسلم لكن نقول : إن اريد بقوله وحينئذ فإن بقي أمر حين جواز التّرك ففيه أيضا ما لا يخفى ، لعدم صدق شيء من الشّرطين وعدم لزوم أحد المحذورين ، ضرورة أنّه عند جواز ترك المقدّمة كيف يلزم أن يكون التّكليف بذيها تكليفا بما لا يطاق أو خروجه عن كونه واجبا ، لأن تأثير الإيجاب في القدرة غير معقول وعدم كون تركها إلّا كتركه في أنه مع بقاء الوقت لا يقتضي سقوط التّكليف ، ومع خروجه