بخصوصيّاته وتشخصاته فإنّها متفاوتة ومتباينة ، والأشياء بما هي كذلك لا تكاد تكون مؤثرة في شيء واحد ، بل بما هي واحدة باشتراط في جهة جامعة ، فالجامع بينهما حقيقة هو موضوع الحكم ومؤثر فيه لما تقدم من أن موضوع الحكم بمنزلة العلّة له فمرجع التّخيير الشّرعي بين الشّيئين أو الأشياء في بعض المقامات إلى التّخيير العقلي.
وبالجملة حيث أن الموضوع بمنزلة العلّة للحكم وإن الأشياء المتغايرة بما هي متغايرة لا تكون مؤثرة في شيء واحد سواء كان من سنخ الأحكام أو غيرها من سائر الخارجيات كالحرارة والبرودة والصّفراء والسّوداء والإحراق ونحوها ، بل بما هي واحدة ومشتركة في جهة جامعة فلا محالة تكون الأحكام متعلقه بالطّبائع وإن قيدت بألف قيد مثلا ، ضرورة أنّها وإن كانت كذلك ما لم توجد في الخارج لا تتشخص ولا تصير جزئيّة ويكون التّخيير بين أفرادها حينئذ عقليا ، فإنّه لما لم يكن تفاوت بين خصوصيّاتها حيث أنّها من لوازم المطلوب وعوارضه لا من أجزائه ومقوماته فيستقل العقل بالتّخيير بين الأفراد ، ولأجل ما ذكرناه قيل برجوع القضيّة المحصورة حتّى المحصورة الكلّية إلى الطّبيعيّة ، وذلك لأنّ موضوع الحكم فيها وإن قيد بقيود كثيرة كما لو ورد مثلا : أكرم كلّ رجل عادل عالم كذا كذا ، إلّا أنّه مع هذا كلّي يمكن أن يوجد بحسب الخصوصيّات الخارجيّة الملازمة له من الزّمان والمكان وغيرهما على أنحاء كثيرة ، فلا محالة يكون موضوع الحكم فيها العنوان الجامع بين تلك الأوامر كعنوان الرّجل العالم العادل مثلا ، وإلّا لزم تأثير أشياء متباينة بما هي متباينة في شيء واحد ، فترجع الموجبة الكلّية إلى الطّبيعية غاية الأمر أن الحكم قد يتعلق بأحد وجودات الطّبيعة لا على التّعيين فتسمى