يرى أنّه لا غرض له في مطلوبه إلّا نفس الطّبيعة ولا نظر له إلّا إليها من دون غرض ونظر منه إلى شيء من خصوصيّاتها وعوارضها أصلا ، بحيث لو فرض إمكان انفكاكها عنها خارجا لا تكون ناقصة عن ما هو المطلوب وتعلق به الغرض كما هو إنسان في القضيّة الطّبيعيّة ، وبعبارة اخرى يرى أن وجودها السّعي بما هو وجودها تمام المطلوب لا بما لا بدّ منه من الخصوصيّات الخارجيّة فهي خارجة عن المطلوب من لوازمه وعوارضه لا من أجزائه ومقوماته.
وأمّا البرهان : فهو أن موضوع كلّ حكم بمنزلة العلّة له لا بدّ من دخله في التّأثير فيه وإلّا لكان كلّ موضوع موضوعا لكلّ حكم ، فلو فرض أن موضوعات الأحكام هي الأفراد بخصوصيّاتها المفردة ومشخصاتها لزم أن يكون لتلك الخصوصيّات والتّشخصيات مع كونها متفاوتة ومتغايرة أو متباينة دخل في ثبوت الأحكام ، وهذا غير معقول ، لأن الأشياء بما هي متغايرة ومتباينة ومتفاوتة لا يمكن أن تكون مؤثرة في شيء واحد ، بل بما هي واحدة ومشتركة في جهة جامعة لاعتبار نحو خاص من الارتباط والسّنخيّة بين المعلول والعلّة لأجله صار أحدهما علّة والآخر معلولا ، كيف لا يعتبر ذلك بينهما وإلّا لزم تأثير كلّ شيء في كلّ شيء ، فلا محالة يكون المؤثر حقيقة هو الطّبيعة الجامعة بينهما ، ولذا الحكم برجوع التّخيير الشّرعي كالتّخيير بين الصّيام والإطعام عمّا إذا لم يكن التّخيير بملاك المزاحمة إلى التّخيير العقلي لأنّ الأمر بأحد الشّيئين فصاعدا مع كونهما متباينين لا يصحّ إلّا إذا كان هناك غرض واحد يقوم بتمامه كلّ واحد منهما ، ولذا يسقط بإتيانه الأمر لوضوح أنّه لو كان هناك غرضان يقومان بهما ولم يكن تزاحم بينهما ولا بين الغرضين لزم إيجابهما تعيينا لا تخييرا ، فالواجب حقيقة هو الجامع بينهما لا أحدهما