ولو فرض أنّه كان متعرضا ومتكفلا ببيان حكم ما بعد النّسخ أيضا كان هذا مطلب آخر ودلالة اخرى والمقصود التّكلم في دلالته على حكم ما بعد النّسخ من حيث كونه ناسخا لا مطلقا ، ومن الواضح أنّه من هذه الجهة لا دلالة له على حكم ما بعد النّسخ أصلا.
وأمّا بحسب الأصل : فاستصحاب الجواز بالمعنى الأعم بعد ارتفاع الوجوب بناء على كونه بمنزلة الجنس والكلّي بين ما عدا الحرمة من الأحكام الأربعة مبنيّ على جريان الاستصحاب في القسم الثّالث من أقسام استصحاب الكلّي وهو إذا احتمل وجود فرد من كلّي مقارنا لارتفاع فرده الآخر ، وفيه وجوه ثلاثة ، وقد حققنا في باب الاستصحاب أنّه لا مجال لجريانه فيه وإن قلنا بأن المدار في تعيين موضوع المستصحب وبقائه وارتفاعه على العرف ، فإن الأفراد متباينة في الوجود ، أي وجود زيد من وجود عمرو مثلا ، أمّا بحسب المداقة العقليّة فواضح ، إذ كلّ وجود محدود بتحديد يعقل في الآخر ، وأمّا بحسب العرف فلانّهم يعدّون الأفراد متباينات ، فمرجع الشكّ في حدوث فرد من الكلّي متقارنا لارتفاع فرده الآخر عندهم إلى القطع بارتفاع وجود ، والشكّ في حدوث وجود آخر مقارنا لارتفاع ذلك الوجود ، لا إلى الشكّ في بقاء الوجود السّابق في اللاحق ، فلا مجال لاستصحاب فيه حتّى بالمسامحة العرفيّة.
نعم قد استثنينا منه ما إذا كان الحادث المشكوك فيه من قبيل المرتبة القويّة أو الضّعيفة للفرد المتيقن رفعه كالسّواد الضّعيف أو القوي المتبدل إلى مرتبة اخرى منه أو إلى الحمرة القويّة بحيث يعدان عرفا شيئا واحدا ويصدق على حدوث الفرد الثّاني مقارنا لارتفاع الأوّل بقاء ما كان ، وعلى ، عدمه ارتفاع ما كان ، ومن المعلوم