واضح ، ولا من العناوين والمفاهيم المنتزعة ، نعم ، هي مقدورات ومجدّدات لموضوعات الأحكام وبها يمتاز كلّ موضوع عن ما عداه ، ولذا قلنا في المقدّمات أن الواحد الجنس إذا قسم وفصل كالسّجود لله تعالى وللصم خارج عن محلّ الكلام في المقام ، فإنّهما وإن اندرجا تحت واحد أعني جنس السّجود مثلا ، إلّا أنّ كلّ واحد منهما بحسب عنوانه وجود غير وجود الآخر ، فلا محذور من الاجتماع الحكمين فيه كذلك ، وبالجملة متعلّقات الأحكام هي المعنونات من أي مقولة وحقيقة كانت بعناوينها ، وإنّما تؤخذ منها العناوين ليتميّز ما تعلّق الحكم والغرض منه به فيها لا بما هي هي وبأنفسها وعلى حيالها ، فالعناوين مقدورات ومحددات لمتعلّقات الأحكام لا بأنفسها متعلّقات لها ، والظّاهر أنّ هذا المقدّمة أيضا بديهيّة.
الثّالثة : قد عرفت أنّ العناوين والمفاهيم المنتزعة من قبيل المقدورات والمحدّدات لمتعلّقات الأحكام وهي أن كانت متعدّدة ، فهل يوجب تعدّدها تعدّد المتعلّق لو كان واحدا وجودا ، تنثلم بها بساطته لو كان بسيطا ذاتا وماهيّة أم لا ، بل يبقى على وحدة وجوده وبساطة ماهيّته وحقيقة؟
الحقّ هو الثّاني ، ضرورة أنّه يمكن انتزاع مفاهيم كثيرة وعناوين عديدة من وجود واحد وموجود فارد بسيط لا كثرة فيه من جهة بل بسيط على الإطلاق مع بقاء وحدته وعدم انثلام بساطته على الإطلاق ومن جميع الجهات كالواجب تعالى ، فإنّه على بساطة ذاته المقدّسة كذلك تصدق عليها مفاهيم كثيرة من صفاته الجلاليّة والجماليّة له الأسماء الحسنى والأمثال العليا حيث أنّه بأجمعها حاكية عن ذاك الواحد الأحد جلّ اسمه وتعالى شأنه ، ولا فرق فيما ذكرنا بين القول بأصالة الوجود أو الماهيّة فإن الموجود بوجود واحد لا يعقل تعدّد ماهيّته وحقيقته