المتأصّل في الصدور ، والجعل والتّحقيق في الخارج ، إمّا بخصوصياته كما هو قضيّة أحد القولين ، أو بدونها ، كما هو قضيّة القول الآخر ، وذلك لما تقدّم من أنّ الطّبيعي ليس إلّا عين الفرد الخارجي وجودا أو ماهيّة لا أنّ الفرد غيره ولكنّه يفي بغرضه نظير أداء الدّين بغير جنسه ، بداهة أنّ من تعلّق غرضه بفعل من أفعال نفسه او عبده ففعله هو أو عبده بأمره به لم يفعل إلّا نفس ما تعلّق به الغرض لا أنّه فعل ما يفي بغرضه ، وهذا بديهي لمن راجع إلى وجدانه في الأفعال الواقعة على طبق غرضه من نفسه أو عبده.
ومن هنا انقدح أنّه لا يكون فرق فيما ذكرنا من لزوم محذور اجتماع الضدّين في المجمع لو اجتمع الحكمان فيه بين كون وجوبه تعيينيّا أو تخييريّا ، إذ لا بدّ من كون دائرة عنوان متعلّق الأمر على وجه يعمّ ويسع قوس المجمع ، وإلّا لم تتحقّق مسألة الاجتماع ، وبعد فرضه كذلك تتحقّق فيه جهتان : إن لوحظ اعتبار أنه عين طبيعة متعلّق الأمر ومتّحد معها وجودا أو ماهيّة حسبما عرفت يصحّ أن يقال أنّ وجوبه تعييني ، وإن لوحظ باعتبار أنه أحد الأفراد الّتي تصدق عليها إذ للمكلّف أن يأتي بغيره منها يصحّ أن يقال أن وجوبه تخييري ، إلّا أنّ هذين اللّحاظين لا يوجبان تفاوتا في واقع وجوبه ، بل تفاوتا في اسمه بحسب الاصطلاح ، ومجرّد اختلافه لا يوجب تفاوتا في حقيقة الشّيء وواقعه ، فلا فرق في لزوم اجتماع الضّدين في المجمع بين كون وجوبه تعيينيا أو تخييريا بحسب الاصطلاح.
نعم إذا كان وجوبه تعيينيّا بحسب الاصطلاح بأن لا يمكن امتثال الأمر بدونه يلزم محذور آخر على القول بالامتناع من التّكليف بالمحال ، إلّا أنّك عرفت في المقدّمات أن المهمّ في المقام وعمدة الوجه فيه هي الجهة الاولى ، أعني كون اجتماع