القول بامتناع الاجتماع فلإمكان أن يكون لأجل تغليب جانب الأمر في المجمع حسبما عرفت سابقا من أنّه يمكن أن يكون متّصفا بكلّ واحد من الأحكام الخمسة ، أو لأجل إلزام العقل بترجيح أقلّ المحذورين والقبيحين عند التّزاحم مع بقائه على ما هو عليه من المبغوضيّة وإن سقط النّهي أي الخطاب والزّجر والرّدع عنه لأجل الاضطرار الحاصل بسوء الاختيار.
وبالجملة : الصّلاة حال الخروج كالصّلاة حال الدّخول عند سعة الوقت وضيقه ، وصحّتها في إحدى الحالين لا يلازم كون الدّخول أو الخروج مأمورا به (١) ، فالإشكال ساقط ، لا يقال : سلّمنا أن الوجوب لا يترشّح من ذي المقدّمة الواجب إليها في صورة عدم الانحصار فيها مطلقا ، وفيها أيضا مع عدم كون الواجب أهمّ من ترك المقدّمة ، لأنّ الممتنع شرعا كالممتنع عقلا ، فكما أنّه لو انحصرت المقدّمة فيما كان ممتنعا عقلا سقط التّكليف عن ذي المقدّمة ، فكذلك لو انحصرت فيما كان ممتنعا شرعا ، إذ لا يعقل بقاء حرمتها فعلا مع بقاء وجوب ذيها كذلك ، وأمّا لو كان الواجب أهمّ من ترك المقدّمة المنحصرة فكيف لا يترشّح الوجوب إليها؟ إذ لا يعقل بقاء فعليّة كلا التّكليفين ، فمع فرض فعليّة وجوب ذي المقدّمة ، لا بدّ من سقوط حرمة المقدّمة ، ومع سقوطها لا مانع من ترشّح الوجوب إليها ، وما نحن فيه كذلك ، فإنّ المفروض أنّ ترك الغضب الزّائد على مقدار الخروج واجب قطعا وإجماعا ، فكيف لا يترشح الوجوب منه إلى مقدّمته المنحصرة ولو اتّفاقا أعني الخروج؟
لأنّه يقال : نعم الأمر كذلك في المقدّمة الّتي لم يحصل الاضطرار إليها بسوء
__________________
(١) وأقول إن أمكن صحّة الصّلاة مع عدم الأمر بمثل الخروج مع الإلزام بسقوط النّهي عنه وبقاء مبغوضيّة فلا تبقى ثمرة عمليّة للنّزاع في المسأله كما لا يخفى ، لمحرّره.