تمنع عن اجتماع الحكمين فيه ، وإن جهة البحث في المسألة هي أنه بعد الفراغ عن تعلّق النّهي الفعلي بشيء من العبادة أو المعاملة اختلفوا في أنّه هل يقتضي فساده مطلقا أو إن كان عبادة ، أم لا يقتضيه مطلقا ، أو في الجملة؟ على اختلاف الأقوال ولأجل اختلاف الجهتين تعدّد العنوان وعقدت لكلّ منهما مسألة على حده.
نعم ، لو قيل بامتناع الاجتماع في المسألة السّابقة وتقديم جانب النّهي مطلقا أو في كلّ مورد قدم النّهي فيه على الأمر تصير من صغريات هذه المسألة ، فلا يقتضي النّهي فساد المجمع إن كان عبادة ، إلّا على مذهب من يقول في هذه المسألة باقتضاء النّهي فساد العبادة ، وإن كان فرق بين المسألتين ، حيث أنّه مع انتفاء فعليّة النّهى عن المجمع إن كان عبادة لأجل الأعذار العقليّة من الاضطرار ونحوه ، يحكم بصحّتها ، بخلاف انتفاء فعليّة النّهي عنها في المسألة فإنّها لا تصحّ أصلا لعدم مقتضي الأمر وملاكه فيها ، فكيف تقع صحيحة؟ إلّا أن هذا الفرق لا ينافي ما ذكرنا من أن المسألة السّابقه على القول بالامتناع وتغليب جانب الحرمة تكون من صغريات المسألة ، ودعوى أنّها لا تكون من صغرياتها حتّى على هذا القول ، لأنّها عقليّة كما تقدّم منها بخلاف المسأله كما سيأتي إن شاء الله ، فكيف تكون من صغرياتها؟ مدفوعة بكون المراد باللفظيّة ما يعمّ الالتزاميّة ، أعني بتوسّط مدلول الصّيغة كما سيأتي بيانه إنشاء الله فلا تنافي بين كونه السّابقة من صغريات المسألة وبين اختلافهما وكون السّابقة عقليّة دون هذه.
ولا يخفى أنّه ليس المراد أنّها على هذا القول تكون من صغريات المسأله مطلقا ، بل في صورة تقدم النّهي الفعلي ، وفي صورة الاضطرار ونحوه لا يكون النّهي فعليّا فلا يكون تناف بين قولنا بالصحّة في صورة الاضطرار ونحوه في السّابقة وعدمها