الثّاني في نظر العرف وأن كان العقل يعين الأخير بعد البناء على رفع اليد عن المفهوم وبقاء اختلاف الشّرط في كلّ منهما على حاله ، حيث يرى أنّ الأمور المتمايزة المختلفة بما هي كذلك لا يمكن أن يكون كل واحد منها مؤثّرا في واحد ، إذ لا بدّ من أن يكون بين العلّة والمعلول ربط خاص يوجب تاثيرها فيه ، ولا يكاد يتحقق ذلك الرّبط بين المختلفين فصاعدا بما هما كذلك ، وبين الواحد بما هو واحد ، فلو كانا شرطا له ، أي علّة له ومؤثّرا فيه عقلا أو شرعا في ظاهر خطاب يستقلّ العقل بأنّ الشّرط حقيقة واحد ، وهو الجامع المشترك بينهما ، ولذا أرجعنا التّخيير الشّرعي في جميع موارده إلى التّخيير العقلي ، وأقول : قضيّة ذكر في الوجه الأخير عدم كونه في عرض الوجوه المتقدّمة عليه ، فلا ينبغي ذكره في عدادها ، وكيف كان هما وجه آخر ، وهو تقييد إطلاق الشّرط في كلّ منهما بعدم الآخر. وبعبارة اخرى رفع اليد عن ظهور كلّ منهما في كون كلّ من الشّرطين علّة مؤثرة في إيجاب الجزاء مطلقا بحمله على كونه كذلك عند عدم الآخر ، وأمّا مع وجوده فلا ، وهل المؤثّر حينئذ هو السّابق منهما أو الجامع ، سيأتي الكلام فيه.
وعلى هذا لا يوجب خفاء الأذان القصر إلّا عند عدم خفاء الجدران ، وكذا العكس ، ولو خفي كلاهما فهل المؤثّر كلّ منهما أو الجامع بينهما ، سيأتي الكلام فيه. ولذا لم يتعرض له أو لرجوعه إلى احد الاوّلين على القول بالتّداخل.
ومنها إشكال في خصوص القضيتين يجيء من جهة التّخيير بين الأقلّ والأكثر بناء على ما عدا الوجه الثّاني وهو إنّه كيف يمكن جعل كلّ منهما سببا مستقلا لوجوب القصر مع أنّهما مترتبا الوجود سيّما إذا فرض أن أحدهما دائما متاخر عن الآخر؟ كما أنّ الظّاهر أن خفاء الجدران بالنّسبة إلى خفاء الأذان كذلك ، إذ مع