إن حمل على الوجه الأوّل فلا يتوجه عليه عدا كونه خلاف الواقع ، وإن حمل على معنى آخر فهو غير مفهوم لنا ، ولعلّه أراد ما ذكرناه في الجواب ، والاشتباه إنّما صدر عن المفرد والله العالم.
وكيف كان ، فقد انقدح ممّا ذكره إن ما يمكن أن يستدل به للقول المختار ، أعني حجيّة العام في الباقى هذه الوجود الثّلاثة المذكورة في الجواب عن استدلال الثّاني ، وقد عرفت أن الحقّ منها هو الأوّل ، وإذ عرفت هذا فلا بدّ من تعيين مورد حجيّة العام من الباقي.
فنقول أمّا العام المخصّص بالمتّصل فهو حجّة فيما علم دخوله في المخصّص ، وأمّا فيما احتمل دخوله فيه سواء كانت الشبهة حكميّة ، أي في مفهوم المخصّص ، أو موضوعية أي في مصداقه ، فلا يكون حجّة ، مثلا إذا ورد : «أكرم العلماء إلّا الفسّاق منهم» وفرض الشّك في فسق زيد لأجل الشّك في أنّه من مصاديق الفاسق بعد إحراز مفهوم الفسق ، أو لأجل تردّده بين ما يحصل بارتكاب مطلق المعاصي أو خصوص الكبائر إذا فرض أنّ زيد اجتنب الكبائر دون الصّغائر ، فلا يمكن التّمسّك بالعام حينئذ لإثبات وجوب إكرام زيد.
أمّا في الشّبهة الحكميّة : فلعدم انعقاد ظهور للعام إلّا في الباقي بعد التّخصيص ، فلو فرض إجمال المخصّص بين الأقلّ والأكثر كما في المثال المذكور ، أو بين المتباينين يسري إجماله إلى العام حقيقة ، فكيف يتمسّك به؟ كأنّ موضوع الحكم في المثال العلماء العدول ، فالشّك في عدالة زيد وفسقه على الوجه المذكور مع فرض كونه من العلماء يكون حاله حال الشّك في علمه إذا فرض أنّه ورد : أكرم العلماء ، فكما أنّه لا يجوز التّمسّك فيه بالعام ، كذلك في المقام ، والسرّ فيه ما تقدّم من أنّه لم ينعقد