غاية الأمر أن تنجزها عليهم يكون متوقّفا على حصول العلم لهم به ، وإن لم تكن التّكاليف كذلك بل كانت على وجه جعل القوانين بلا بعث أو زجر لكلّ من اندرج تحت من أخذ عنوانا لمن كلّف بها من المؤمن أو الكافر أو النّاس أو غير ذلك من العناوين ، فلا شبهة في صحّة تعلّقها بالمعدومين كالموجودين مطلقا على حدّ سواء وإن صحّ مخاطبة الموجودين الحاضرين بها دون غيرهم ، ولكن هذا لا يوجب تفاوتا بينهم بل كلّ واحد منهم وجد شرائط التّكليف وفقد موانعه واندرج تحت عنوان من كلف به يصير فعليّا في حقّه ، سواء كان من الحاضرين المخاطبين أو الغائبين أو المعدومين ، وكلّ من لا يكون كذلك ، وإن كان هو المخاطب بذلك الخطاب لم يصر فعليّا في حقّه ، ضرورة أنّه ربّما يكون مخاطب المولى أحد عبيده ولكن المكلّف غيره ، فيقول له مثلا : وليفعل غيرك كذا : وبالجملة لا شبهة في صحّة إنشاء هذا النّحو من التّكليف على وجه يعمّ المعدومين فضلا عن الغائبين سواء كان شرعيّا أو غيره ، كالقوانين المجعولة من السّلاطين ، فإنّها وإن كانت إنشاءات صرفة إلّا أنّها تصير فعليّة في حقّ من اندرج تحت عنوان من كلّف بها جامعا لما يعتبر فيه وجودا وعدما ، مثلا إذا جعلوا قانونا كلّ من بلغ سنه كذا فعليّة أن يدخل في زمرة العسكريّة ، فإنشاء هذا النّحو من التّكليف يعمّ المعدومين والموجودين على حدّ سواء ، وهكذا يتصوّر من التّكاليف الشّرعيّة إن اقتضته الحكمة والمصلحة كما لا يخفى ، أو نظير هذا النّحو من التّكليف إنشاء التّمليك بالوقوع على الموقوف عليهم ، بطنا بعد بطن ، فإن البطون اللاحقة بعد وجودهم جامعين لما يعتبر فيهم عند الوقف يتملّكون العين الموقوفة ما يشاء عقد الوقف ويتلقّونها من الواقف كالبطن الموجود حين الوقف ، غايته أنّه يفيد في حقّه الملكيّة الفعليّة ، وفي