على وجه باعتبار أن اعتبار كلّ من الأصل وسند الخبر مع دلالته في نفسه قطعي. وأقول : وبوجه آخر تخصيص الظّني بالظّني لأنّ اندراج كلّ منهما تحت دليل اعتباره ظني ، وبوجه آخر تخصيص الظّني وبالقطعي باعتبار أن دلالة العام ظنيّة ودلالة الخاصّ قطعيّة والكلّ جائز وإن صدق عليها تخصيص القطعي بالظّني أيضا ، فإن ما لا يجوز ليس إلّا تخصّص القطعي والتّصرّف فيه في جهة قطعيّته بالظّن بجهة ظنيّته ، وهذا غير لازم في المقام كما عرفت فلا مانع عنه ، وربّما قيل أو يقال أنّه لا مقتضي لحجّيّة الخبر حينئذ لأنّ الدّليل على اعتباره هو الإجماع على العمل به فيما لا يوجد على خلافه دلالة ، ومع وجود الدّلالة القرآنيّة على خلافه يسقط وجوب لعمل به وللإخبار الكثيرة الدالّة على أن الأخبار المخالفة الكتاب يجب طرحها أو ضربها على الجدار ، أو أنّها زخرف أو أنّها ممّا لم يقل به الإمام عليهالسلام ، فإنّها باختلاف مضامينها صريحة في عدم صدور الخبر المخالف للكتاب عنهم عليهالسلام. ويضعف الوجه الأوّل : بما عرفت من الإجماع على العمل بخبر المخالف لعموم الكتاب ، مضافا إلى عدم انحصار الدّليل في الإجماع ، والثّاني بأن المراد بالمخالفة في تلك الأخبار غير المخالفة بنحو العموم والخصوص ، إذ لا يعدّ هذا النّحو منها مخالفة عرفا ، ولذا صدر عنهم عليهالسلام كثيرا قطعا ، أو أنّهم لم يقولوا بخلاف ما هو قول الله تعالى واقعا ، وإن كان على خلافه ظاهرا شرحا لمرامه وبيانا لمراده من كلامه ، فإنّه تعالى لم يجعل في خطاباته وضعا جديدا يخالف وضع أهل المحاورة في كلماتهم ، فكما أنهم ربّما يخاطبون بالعام ثمّ ما يعقبونه بذكر ما يكون بمنزلة الشّارح والمبين لما أريد به جدا من المخصّص ، كذلك في خطاباته تعالى كلّما صدر عنهم عليهالسلام مخالفا لعمومها يكون بمنزلة الشّارح والمبين لمقدار ما أريد منها واقعا ، وإن ابيت إلّا عن صدق المخالفة