ولا يخصص القطعي ولا يتصرّف فيه بالظنّي ، ويضعّف : بأن الخبر إن لم يكن قطعى السّند إلّا أنه قطعي الاعتبار ، فهذا ممّا لا ينكره هذا المانع ، والكلام معه بعد الفراغ عنه ، وإنّما دعاة إلى المنع توهّم وجود المانع وهو رفع اليد عن القطعي بالظّني. وهو فاسد ، فيجوز أن يخصّص به الكتاب كما يجوز أن يخصّص به الخبر المتواتر وخبر الواحد المحفوف بالقرينة القطعيّة قطعا وبلا خلاف ، فإنّه تخصيص القطعي ورفع إليه عنه بمثله ، وبوجه تخصيص الظّني وهو عموم الكتاب بالقطعى وهو خبر الواحد فإنّه قطعي الدّلالة والاعتبار حسب الفرض ، وتوضيح ذلك : أن الكتاب وإن كان قطعي السّند بخلاف الخبر فإنّه ظنّي السّند إلّا أن التّعارض ليس بين سنديهما كي يتوهّم أن تقديم الخبر على الكتاب تصرّف في القطعي بالظّني ولجرى هذا بعينه في تقديمه على الخبر المتواتر والواحد المحفوف بالقرينة القطعيّة ، وقد عرفت إنّه جائز قطعا ، بل بين اعتبار أصالة العموم في طرف الكتاب وبين اعتبار سند الخبر مع دلالته لا سنده فقط ، إذ لا وجه لاعتبار السّند إلّا مقدّمة لاعتبار الدّلالة ، وكلّ منهما في نفسه ومع قطع النّظر عن الآخر حجّة وقطعيّ الاعتبار لاندراجه تحت دليل اعتباره ، إلّا أنّه لما وقع التعارض بينهما لأجل العلم الإجمالي ، فلا بدّ من التّصرّف في أحدهما بالآخر وهذا صالح لأنّ يتصرّف به في أصالة العموم ، إذ به تعتبر دلالة الآخر ، ومعها يرتفع موضوع الأصل ، لأنّ اعتباره إنّما يكون عند عدم الدّليل على خلافه ، بخلاف أصالة العموم فإنّها غير صالحة للتّصرّف بما في دليل اعتبار سند الخبر ورفع اليد عنه ، فإنّه تخصيص له ، وإذا دار الأمر بين التّخصّص والتّخصيص كان الأول أولى في مقام التّرجيح مطلقا ، فيتعين التّصرّف في عموم الكتاب بخصوص الخبر وتخصيصه به تخصيص للقطعي بمثله