عند العرف بمعنى أنه ينزل على أن المؤثر عنده ما كان مؤثرا عندهم ولم يعتبر في تأثيره غير ما اعتبر فيه عندهم ، كما لو وردت في كلامهم فإنه أيضا منهم ، فلا مانع من التمسك باطلاقها حينئذ في إثبات عدم اعتبار ما شكّ في اعتباره فيها شرعا اذا كان ممّا احرز عدم اعتباره فيها عرفا ، ولذا تمسكوا باطلاقاتها مع أن المشهور قائلون بكونها أسامي للصّحيحة ، ومحصل الفرق بينها وبين العبادات أنها على القول بوضعها للصحيحة ماهيّات مخترعة من قبل الشّارع لا بدّ ولا خبرة للعرف فيها ، فإذ شك في اعتبار شيء فيها شطرا وشرطا لا يمكن الرّجوع في ذلك إلى العرف فتبقى مجملة ، فيدور الامر بين الأقل والأكثر الارتباطيين كلّ على مذهبه من البراءة أو الاشتغال بخلاف أسامي المعاملات فإنها حسب الفرض باقية على معانيها اللغوية والعرفية وإن تصرف الشّارع فيها ليس في حقيقتها ، فإذا وردت في كلامه مطلقة وتمّت فيه مقدّمات الحكمة يؤخذ باطلاقها في رفع ما شكّ في اعتباره فيها ولو قلنا بمثل هذا في العبادات أيضا كما لو اخترنا مذهب الباقلاني فيها صح لنا التمسك باطلاقها أيضا عند الشّك في الجزئيّة والشّرطيّة إن كانت معانيها اللغوية محرزة. فالفرق بين العبادات والمعاملات في ظهور الثّمرة في الاولى دون الثّانية إنما نشأ من اختلافهما من هذه الجهة.
وكيف كان فالتمسك بالاطلاق إنما هو عند الشّك في اعتبار شيء في المعاملات شرعا وأمّا فيما شك في اعتباره عرفا فلا مجال للتّمسك باطلاقها بل المرجع حينئذ أصالة عدم الأثر كما لا يخفى والله العالم.
الامر الثّالث : قد تقدم أن الصّحة والفساد من الامور الإضافية وإن الشّيء الواحد يمكن أن يكون صحيحا في حال دون حال أو في حقّ أحد دون غيره أو من