سلسلة الأفعال الاختيارية وقد تقدم الحجر الأساسي للفرق بين السلسلتين في ضمن نقد مذهب التفويض بشكل موسع وقلنا هناك باختصاص القاعدة بالسلسلة الأولى فحسب دون الثانية ، وعليه فلا تنطبق على ما نحن فيه ، وذلك لما ذكرناه غير مرة من أن الأحكام الشرعية بأجمعها أمور اعتبارية ولا واقع موضوعي لها ما عدى اعتبار المعتبر وليست بأمور تكوينية وانها فعل اختياري للشارع وصادرة منه باختياره وأعمال قدرته وليس للأمور الخارجية دخل وتأثير فيها أصلا وإلا لكانت أموراً تكوينية بقانون التطابق والسنخية. نعم لها موضوعات خاصة وقد استحال انفكاكها عنها في مرحلة الفقهية ولكن هذه الاستحالة انما هي من ناحية لزوم الخلف لا من ناحية انفكاك المعلول عن العلة التامة ، لفرض أنه ليس لها أي تأثير في الأحكام أبداً.
فالنتيجة في نهاية الشوط هي : ان ما نحن فيه ليس من موارد تلك القاعدة في شيء ليتمسك بها لإثبات ان الشرط هو الجامع بين الأمرين ، وعليه فكما يمكن أن يكون الشرط هو الجامع بينهما ، يمكن أن يكون الشرط هو مجموعهما من حيث المجموع. (وثالثاً) أنه قد لا يعقل الجامع لما هوى بينهما وذلك كما إذا افترضنا كون أحد الشرطين من مقولة والشرط الآخر من مقولة أخرى ، فاذن لا يعقل أن يكون بينهما جامع حقيقي ، لاستحالة وجود الجامع كذلك بين المقولتين.
وأما ما أفاده (قده) بقوله : الا أن يكون ما أبقي على المفهوم أظهر فلعله سهو من قلمه الشريف ، وذلك لأن مجرد رفع اليد عن مفهوم أحدهما وبقاء الآخر على مفهومه لا يوجب علاج التعارض والتنافي بين القضيتين ، وذلك لأن التنافي انما هو بين مفهوم كل واحدة منهما ومنطوق الأخرى ورفع اليد عن مفهوم إحداهما فحسب انما يرفع التنافي بين مفهومها ومنطوق الأخرى ، وأما التنافي بين مفهوم الأخرى ومنطوق تلك باق على حاله