دليل آخر ليس من الجمع العرفي في شيء ، والسبب في ذلك هو ما تقدم من أن التعارض بينهما انما هو بين إطلاق مفهوم كل منهما ومنطوق الأخرى وان افترض عدم دلالتها على المفهوم فلو كان الوارد في الدليلين (إذا خفي الأذان فقصر) (ويجب التقصير عند خفاء الجدران) لكان بين ظهور القضية الأولى في المفهوم وظهور القضية الثانية في ثبوت وجوب التقصير عند خفاء الجدران تعارض لا محالة ، وحيث ان نسبة المنطوق إلى المفهوم نسبة الخاصّ إلى العام فبطبيعة الحال يقيد إطلاقه به ، وبما أن التصرف في المفهوم بدون التصرف في المنطوق لا يمكن ، لما عرفت من أنه لازم عقلي له فيدور مداره سعة وضيقاً فلا يمكن انفكاكه عنه ولو بالإطلاق والتقييد فلا محالة يستلزم التصرف فيه التصرف في المنطوق هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى ان التصرف في إطلاق مفهوم كل من القضيتين بهذا الشكل لا محالة يستدعي التصرف في إطلاق منطوق كل منهما بنتيجة العطف بكلمة (أو) ولازم ذلك هو ان الشرط أحدهما ، والسر فيه هو اننا إذا قيدنا إطلاق مفهوم قوله عليهالسلام إذا خفي الأذان فقصر بمنطوق قوله عليهالسلام إذا خفي الجدران فقصر وبالعكس أي تقييد إطلاق مفهوم القضية الثانية بمنطوق القضية الأولى.
فالنتيجة هي عدم وجوب التقصير الا إذا خفي أحدهما وهذا معنى أن ذلك نتيجة تقييد إطلاق كل من القضيتين بالعطف بكلمة (أو) وأما التقييد بالعطف بكلمة (واو) فلا مقتضى له أصلا وان كان يرتفع به التعارض.
وقد تحصل من ذلك عدة أمور : (الأول) ان ما أفاده شيخنا الأستاذ (قده) في المقام خاطئ صغراً وكبراً فلا واقع موضوعي له