الكاشفية والطريقية يعني أن المولى جعله كاشفاً وطريقاً إلى مراده الواقعي الجدي فيحتج على عبده يجعله كاشفاً ومبرزاً عنه ، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى ان الحجة بالتفسير الأول تتوقف على إحراز الصغرى والكبرى معاً والا فلا أثر لها أصلا ، ومن هنا قلنا في مسألة البراءة أنه يجوز ارتكاب المشتبه بالخمر أو البول أو نحوه. فان ما دل على حرمة شرب الخمر أو نجاسة البول لا يكون حجة في المشتبه ، لعدم إحراز صغراه. وأما الحجة بالتفسير الثاني فلا تتوقف على إحراز الصغرى ، ضرورة انها كاشفة عن مراد المولى واقعاً وطريقة إليه سواء أكان لها موضوع في الخارج أم لم يكن.
وان شئت قلت : ان الحجة بهذا التفسير تتوقف على إحراز الكبرى فحسب. ومن ناحية ثالثة ان الحجة بالتفسير الثاني هي المرجع للفقهاء في مقام الفتيا ، دونها بالتفسير الأول ، ولذا لو سئل المجتهد عن مدرك فتواه أجاب بالكتاب أو السنة أو ما شاكلهما. ومن هنا أفتى الفقيه بوجوب الحج على المستطيع سواء أكان المستطيع موجوداً في الخارج أم لم يكن ، فإحراز الكبرى فحسب كاف من دون لزوم إحراز الصغرى. ومن ناحية رابعة ان القائل بجواز التمسك بالعامّ في الشبهات المصداقية توهم ان المراد من الحجة في كل من طرفي العام والخاصّ هو الحجة بالتفسير الأول دون التفسير الثاني ، وعلى هذا فحجية كل منهما تتوقف على إحراز الصغرى والكبرى معاً وبما ان الكبرى في كليهما محرزة فبطبيعة الحال تتوقف حجيتهما على إحراز الصغرى فحسب ، فان أحرز أنه عالم فاسق فهو من صغريات الخاصّ حيث قد قيد موضوع العام بغيره ، وان شك في فسقه فلا يحرز أنه من صغرياته وبدونه لا يكون الخاصّ حجة فيه واما كونه من صغريات العام فالظاهر انه من صغرياته لفرض ان العالم بجميع أقسامه وأصنافه أي