ففي مثل ذلك لا مانع من التمسك بأصالة العموم بالإضافة إلى زيد العالم لفرض ان الشك كان في خروجه عن حكم العام ، وبذلك يثبت التخصص يعني ان الخارج هو زيد الجاهل بناء على ان مثباتها حجة ، والوجه فيه هو ان هذا المورد من موارد التمسك بها ، حيث ان فرديته للعام محرزة والشك انما هو في خروجه عن حكمه ، وهذا بخلاف المسألة المتقدمة حيث انها بعكس ذلك تماماً يعني ان هناك كان خروج الخارج عن حكم العام معلوماً والشك انما هو في فرديته له وقد تقدم أنه لا دليل في مثل ذلك على جريان أصالة العموم لإثبات التخصص.
ولكن قد يقال : بأن العلم الإجمالي بحرمة إكرام زيد المردد بين العالم وغيره موجب لترك إكرامهما وأصالة العموم لا توجب انحلاله نظراً إلى انها غير متكفلة لبيان حال الافراد ، وليس حالها كقيام أمارة على أن زيد العالم يجب إكرامه حيث أنه يوجب انحلاله جزماً نظراً إلى انها متكفلة لبيان حال الفرد دونها ، فإذاً تسقط عن الحجية بالإضافة إلى زيد العالم أيضا.
وغير خفي ما في هذا القول ، فان أصالة العموم وان لم تكن ناظرة إلى بيان حال الافراد إلا انها مع ذلك توجب انحلال هذا العلم الإجمالي بيان ذلك هو أن لها دلالة مطابقية ودلالة التزامية ، فبالأولى تدل على وجوب إكرام زيد العالم ، وبالثانية تدل على انتفاء الحرمة عنه وإثباتها لزيد الجاهل باعتبار أن مثبتاتها حجة ، وعلى هذا فلا محالة ينحل هذا العلم الإجمالي إلى علمين تفصيليين هما : العلم بوجوب إكرام زيد العالم ، والعلم بحرمة إكرام زيد الجاهل فلا تردد حينئذ.
وفي نهاية المطاف قد استطعنا أن نخرج بالنتيجة التالية وهي ان مسألة دوران الأمر بين التخصيص والتخصص إذا كانت بالإضافة إلى فرد واحد فقد تقدم في ضمن البحوث السالفة أنه لا دليل على جريان أصالة العموم