الموضوع فيها قد أخذ مفروض الوجود ولا مانع من فرض وجود الموضوع وجعل الحكم له سواءً أكان موجوداً حقيقة أم لم يكن فالوجود الفرضي لا يقتضي الوجود الحقيقي حيث لا مانع من فرض المعدوم موجوداً.
وان شئت قلت : انا قد ذكرنا في محله ان الاعتبار خفيف المئونة فكما أنه يتعلق بالأمر الحالي ، فكذلك يتعلق الأمر الاستقبالي كما هو الحال في الواجب المشروط بالشرط المتأخر.
وعليه فلا مانع من جعل الحكم للموجودين والمعدومين بنحو القضية الحقيقية التي ترجع إلى القضية الشرطية حيث ان مردّها إلى الشرط المتأخر لا محالة. ونظير ذلك مسألة الوقف على البطون المتعددة المتلاحقة حيث ان الواقف يعتبر من حين الوقف ملكية ماله لجميع البطون بطناً بعد بطن بحيث ان كل بطن لا حق يتلقى الملك من الواقف لا من البطن السابق ، ومعنى ذلك هو ان الواقف من حين الوقف يعتبر ملكيته له فيكون زمان المعتبر متأخراً عن زمان الاعتبار ، فالنتيجة ان النزاع بهذا المعنى لا يرجع إلى معنى معقول.
وأما الثاني : فان أريد من إمكان توجيه الخطاب إلى المعدومين والغائبين توجيهه إليهما بقصد التفهيم حقيقة فهو غير معقول ، ضرورة ان توجيه الخطاب الحقيقي إلى الحاضر في مجلس الخطاب إذا كان غافلا مستحيل فما ظنك بالمعدوم والغائب فيكون نظير الخطاب إلى الحجر ، فانه لا يعقل إذا قصد به تفهيمه ، وكتوجيه الخطاب باللغة العربية إلى من لا يكون عارفاً بها أو بالعكس.
وهكذا فان الخطاب الحقيقي في جميع هذه الموارد غير معقول. وان أريد بذلك شيئاً آخر كإظهار العجز أو المظلومية أو ما شاكل ذلك فتوجيه الخطاب بهذا المعنى إلى المعدومين فضلا عن الغائبين بمكان من الإمكان