كذلك. وأورد على هذه الثمرة المحقق صاحب الكفاية (قده) بأنها تبتني على مقدمتين : (الأولى) اختصاص حجية الظواهر بمن قصد افهامه. (الثانية) أن يكون المقصود بالإفهام من خطابات القرآن هو خصوص الحاضرين في مجلس التخاطب.
ولكن كلتا المقدمتين : خاطئة وغير مطابقة للواقع اما المقدمة الأولى فلما حققناه في محله من عدم اختصاص حجية الظواهر بخصوص المقصودين بالإفهام بل تعم الجميع من المقصودين وغيرهم ، وذلك لعدم الفرق في السيرة العقلائية القائمة على العمل بها بين من قصد افهامه من الكلام ومن لم يقصد وتمام الكلام في محله. واما المقدمة الثانية فلأن المقصود بالإفهام من خطابات القرآن جميع الناس إلى أن تقوم الساعة من الحاضرين والغائبين والمعدومين ، والنكتة في ذلك ان القرآن لا يختص بطائفة دون طائفة وبزمان دون زمان بل هو يجري كما يجري الليل والنهار وكما تجري الشمس والقمر ، ويجري على آخرنا كما يجري على أولنا ، ولا يمكن القول بأن المقصود بالإفهام من خطاباته هو الحاضرين في مجلس التخاطب دون غيرهم حيث أنه لا يناسب مكانة القرآن وعظم شأنه وانه كتاب إلهي نزل لهداية البشر جميعاً فلا محالة يكون المقصود بالإفهام منها جميع البشر ، غاية الأمر ان من يكون حاضراً في مجلس التخاطب يكون مقصوداً بالإفهام من حين صدورها ومن لم يكن حاضراً أو كان معدوماً فهو مقصود به حين ما وصلت إليه الآيات والخطابات.
ثانيتهما : انه على القول بالعموم والشمول يصح التمسك بعمومات الكتاب والسنة بالإضافة إلى الغائبين والمعدومين كقوله تعالى مثلا : «إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله» فانه لا مانع من التمسك بعمومه على هذا القول لإثبات وجود السعي لهما.