شاكل ذلك فلا إشكال في دلالته على الفساد ، ومن هنا قلنا بخروج هذا القسم من النهي عن محل الكلام في المسألة ، وقد أشرنا إلى ذلك في ضمن البحوث المتقدمة بشكل موسع ، فالكلام هنا انما هو في دلالة النهي النفسيّ المولوي على الفساد وعدم دلالته عليه بمعنى ثبوت الملازمة بين حرمة معاملة وفسادها وعدم ثبوتها ، وقد اختلفت كلمات الأصحاب حول ذلك ونسب إلى أبي حنيفة والشيباني دلالة النهي على الصحة ، ونسب إلى آخر دلالته على الفساد ، وفصل ثالث بين ما إذا تعلق النهي بالمسبب أو التسبيب وما إذا تعلق بالسبب فعلى الأول يدل على الصحة دون الثاني واختار هذا التفصيل المحقق صاحب الكفاية (قده) حيث قال : بعد ما نسب إلى أبي حنيفة والشيباني دلالة النهي على الصحة «والتحقيق انه في المعاملات كذلك إذا كان عن المسبب أو التسبيب لاعتبار القدرة في متعلق النهي كالأمر ولا يكاد يقدر عليهما إلا فيما إذا كانت المعاملة مؤثرة صحيحة :
وإليك توضيح ما أفاده وهو ان النهي إذا افترض تعلقه بالتسبيب أي إيجاد الملكية من سبب خاص دون آخر كالنهي عن بيع الكلب مثلا فبطبيعة الحال يدل على صحة هذا السبب ونفوذه في الشريعة وحصول الملكية به ، ضرورة انه لو لم يكن هذا السبب نافذاً شرعاً ولم تحصل الملكية به لكان النهي عن إيجادها به لغواً محضاً وكان نهيا عن غير مقدور لفرض انها لا تحصل بإنشائها به (السبب الخاصّ) مع قطع النّظر عن النهي ، فاذن لا محالة يكون النهي عنه نهياً عن أمر غير مقدور وهو مستحيل. ومن هنا يظهر الحال فيما إذا تعلق النهي بالمسبب كالنهي عن بيع المصحف من كافر ، فانه يدل على صحة هذه المعاملة ـ وهي البيع ـ لوضوح انها لو لم تكن صحيحة وممضاة شرعاً لم تكن سبباً لحصول الملكية وبدون ذلك لا معنى للنهي عن الملكية المسببة عن هذا السبب الخاصّ ،