أو الشهر المعين دخل في مصلحة الفعل وتأثير فيها أو في مفسدته أمكن دخل السنة المعينة أو السنين المعينة فيها أيضا ، فإذا كان الفعل مشتملا على مصلحة في سنين معينة لم يجعل له الحكم إلا في هذه السنين فحسب فيكون أجله وأمده انتهاء تلك السنين فإذا انتهت انتهى الحكم بانتهاء أمده وحلول أجله ، هذا بحسب مقام الإثبات فالدليل الدال عليه وان كان مطلقاً إلا أنه كما يمكن تقييد إطلاق الحكم من غير جهة الزمان بدليل منفصل فكذلك يمكن تقييد إطلاقه من جهة الزمان أيضا بدليل منفصل حيث ان المصلحة قد تقتضي بيان الحكم على جهة العموم أو الإطلاق ، مع ان المراد الجدي هو الخاصّ أو المقيد والموقت بوقت خاص ويكون بيان التخصيص أو التقييد بدليل منفصل ، فالنسخ في مقام الثبوت والواقع انتهاء الحكم بانتهاء أمده وفي مقام الإثبات رفع الحكم الثابت لإطلاق دليله من حيث الزمان ولا يلزم منه خلاف الحكمة ولا كشف الخلاف المستحيل في حقه تعالى ، هذا بناء على وجهة نظر العدلية من تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد في متعلقاتها ، وأما على وجهة نظر من يرى تبعية الأحكام لمصالح في أنفسها فالامر أيضا كذلك ، فان المصلحة الكامنة في نفس الحكم تارة تقتضي جعله على نحو الإطلاق والدوام في الواقع ، وتارة أخرى تقتضي جعله في زمان خاص ووقت مخصوص فلا محالة ينتهي بانتهاء ذلك الوقت (وهذا هو النسخ) وان كان الفعل باقياً على ما هو عليه في السابق أو فقل ان في إيجاب شيء تارة مصلحة في جميع الأزمنة ، وأخرى في زمان خاص دون غيره.
فالنتيجة في نهاية الشوط : هي أنه لا ينبغي الشك في إمكان النسخ بل وقوعه في الشريعة المقدسة على وجهة نظر كلا المذهبين كمسألة القبلة أو نحوها.