ذلك ، ومن هنا قالوا ان الأصل في كل كلام صادر عن متكلم هو كونه في مقام البيان فعدم كونه في هذا المقام يحتاج إلى دليل.
ولكن الظاهر انه غير تام مطلقاً ، وذلك لأن الشك تارة من جهة ان المتكلم كان في مقام أصل التشريع أو كان في مقام بيان تمام مراده كما إذا شك في أن قوله تعالى : «أحل الله البيع» في مقام بيان أصل التشريع فحسب كما هو الحال في قوله تعالى «أقيموا الصلاة» أو في مقام بيان تمام المراد ففي مثل ذلك لا مانع من التمسك بالإطلاق لقيام السيرة من العقلاء على ذلك الممضاة شرعاً. وأخرى يكون الشك من جهة سعة الإرادة وضيقها يعني انا نعلم بأن لكلامه إطلاقاً من جهة ولكن نشك في إطلاقه من جهة أخرى كما في قوله تعالى : «كلوا مما مسكن» حيث نعلم بإطلاقه من جهة ان حلية أكله لا نحتاج إلى الذبح سواء أكان إمساكه من محل الذبح أو من موضع آخر كان إلى القبلة أو إلى غيرها ولكن لا نعلم أنه في مقام البيان من جهة أخرى وهي جهة طهارة محل الإمساك ونجاسته ـ ففي مثل ذلك لا يمكن التمسك بالإطلاق كما عرفت ، لعدم قيام السيرة على حمل كلامه في مقام البيان من هذه الجهة.
الثالث : ان لا يأتي المتكلم بقرينة لا متصلة ولا منفصلة وإلا فلا يمكن التمسك بإطلاق كلامه ، لوضوح ان إطلاقه في مقام الإثبات انما يكشف عن الإطلاق في مقام الثبوت إذا لم ينصب قرينة على الخلاف ، وأما مع وجودها فان كانت متصلة فهي مانعة عن أصل انعقاد الظهور وان كانت منفصلة فالظهور وان انعقد الا انها تكشف عن ان الإرادة الاستعمالية لا تطابق الإرادة الجدية ، واما إذا لم يأت بقرينة كذلك فيثبت لكلامه إطلاق كاشف عن الإطلاق في مقام لثبوت ، لتبعية مقام الإثبات لمقام الثبوت ، ضرورة ان إطلاق الكلام أو تقييده في مقام الإثبات معلول