والحاصل ان المراد من كونه في مقام البيان هو انه يلقي كلامه على نحو ينعقد له ظهور في الإطلاق ويكون حجة على المخاطب على سبيل القاعدة.
ومن ذلك يظهر أن التقييد بدليل منفصل لا يضر بكونه في مقام البيان ولا يكشف عن ذلك وانما يكشف عن ان المراد الجدي لا يكون مطابقاً للمراد الاستعمالي ، وقد تقدم أنه قد يكون مطابقاً له ، وقد لا يكون مطابقاً له ، ولا فرق في ذلك بين العموم الوضعي والعموم الإطلاقي ، ولذا ذكرنا سابقاً ان التخصيص بدليل منفصل لا يكشف عن ان المتكلم ليس في مقام البيان مثلا قوله تعالى : «أحل الله البيع» في مقام البيان مع ورود التقييد عليه بدليل منفصل في غير مورد ، وكذا الحال فيما إذا افترضنا ان الآية عموماً تدل عليه بالوضع.
وعلى الجملة فلا فرق من هذه الناحية بين العموم والمطلق فكما أن التخصيص بدليل منفصل لا يوجب سقوط العام عن قابلية التمسك به فكذلك التقييد بدليل منفصل ، ويترتب على ذلك ان تقييد المطلق من جهة لا يوجب سقوط إطلاقه من جهات أخرى إذا كان في مقام البيان من هذه الجهات أيضا فلا مانع من التمسك به من تلك الجهات إذا شك فيها ، كما إذا افترضنا ان الآية في مقام البيان من جميع الجهات وقد ورد عليها التقييد بعدم كون البائع صبياً أو مجنوناً أو سفيهاً وشك في ورود التقييد عليها من جهات أخرى كما إذا شك في اعتبار الماضوية في الصيغة أو الموالاة بين الإيجاب والقبول فلا مانع من التمسك بإطلاقها من هذه الجهات والحكم بعدم اعتبارها.
وأما الأمر الثاني : فالمعروف والمشهور بين الأصحاب هو استقرار بناء العقلاء على حمل كلام المتكلم على كونه في مقام البيان إذا شك في