في موارد الاتفاق وعدم العلاقة في أية لغة كان لو لم يكن غلطاً فلا شبهة في أنه نادر جداً لوضوح أنه لا يصح تعليق كل شيء على كل شيء من دون علاقة وارتباط بينهما ، وكيف كان فلا شك في أن الاستعمال في تلك الموارد لو صح فانه يحتاج إلى رعاية علاقة وأعمال عناية وبدونهما فالقضية ظاهرة في وجود العلاقة اللزومية بينهما.
ومن ضوء هذا البيان يظهر أن تقسيم المناطقة القضية الشرطية إلى لزومية واتفاقية لا يقوم على أساس صحيح فان ما مثلوا للثانية بقولهم إن كان الإنسان ناطقاً فالحمار ناهق أو ما شاكل ذلك لم يكن بحسب الواقع والحقيقة قضية شرطية ، بل صورتها صورة القضية الشرطية ، وكيف كان فلا شبهة في ثبوت هذه الركيزة وأنها أساس للقضية الشرطية.
وأما الركيزة الثالثة : وهي دلالة القضية الشرطية على أن ترتب الجزاء على الشرط من ترتب المعلول على العلة فهي خاطئة جداً وذلك لأنها وإن دلت على ترتب الجزاء على الشرط والتالي على المقدم كما هو مقتضى كلمة الفاء إلا أنها لا تدل على ان هذا الترتب من ترتب المعلول على العلة التامة بحيث يكون استعمالها في غيره مجازاً بل هي تدل على مطلق الترتب سواء أكان من قبيل ترتب المعلول على العلة التامة كترتب وجوب الحج على الاستطاعة وترتب وجوب إكرام زيد مثلا على مجيئه وترتب عدم انفعال الماء على بلوغه كراً وما شاكل ذلك أو كان من قبيل ترتب العلة على المعلول كما هو الحال في البرهان الآني كترتب طلوع الشمس على وجود النهار وترتب تغير العالم على حدوثه والأول كقولنا إن كان النهار موجوداً فالشمس طالعة والثاني كقولنا إن كان العالم حادثاً فهو متغير ونحو ذلك أو كان من قبيل ترتب أحد معلولين لعلة ثالثة على معلول آخر كقوله إن كان النهار موجوداً فالعالم مضيء وغير ذلك والسبب فيه هو