هذه الحالة ومن الطبيعي أن هذا اللازم بين بالمعنى الأخص حيث أن النّفس تنتقل إليه من مجرد تصور عدم الإطلاق في اعتبار المولى وأنه يكون على تقدير خاص ومقيداً به ، فالقضية الشرطية التي تدل على الأول بالمطابقة فلا محالة تدل على الثاني بالالتزام ولا تتوقف هذه الدلالة على أية نكتة ومقدمة أخرى.
والسبب في ذلك ما تقدم من أن الجملة الإنشائية موضوعة للدلالة على إبراز الأمر الاعتباري النفسانيّ في الخارج. وعلى هذا الضوء فإذا كانت الجملة الإنشائية شرطية كقضية ان استطعت فحج مثلا أو نحوها دلت على أن اعتبار المولى مفاد الجزاء على ذمة المكلف كالحج لا يكون على نحو الإطلاق ، بل هو على تقدير خاص وهو تقدير تحقق الشرط كالاستطاعة ولازم ذلك دلالتها على عدم اعتباره على تقدير عدم تحققه ، غاية الأمر أن دلالتها على الأول بالمطابقة وعلى الثاني بالالتزام.
وبكلمة ثانية : أن اعتبار الفعل في مقام الثبوت على ذمة المكلف أو اعتبار ملكية شيء لشخص مثلا إذا كان معلقاً على تقدير ثبوت شيء ولم يكن مطلقاً كاعتبار الصلاة مثلا على تقدير تحقق الزوال أو الحج على تقدير الاستطاعة أو اعتبار الموصي ملكية ماله لشخص على تقدير موته وهكذا كان مرده إلى امرين : (أحدهما) اعتبار هذا الشيء على هذا التقدير الخاصّ (وثانيهما) عدم اعتباره عند عدم تحقق هذا التقدير ، لفرض أن الشارع لم يعتبر الصلاة مثلا على ذمة المكلف عند فرض عدم تحقق الزوال أو الحج عند فرض عدم الاستطاعة ، وكذا الموصي لم يعتبر ملكية ماله له على تقدير عدم موته. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى أن هذين الأمرين متلازمان على نحو يكون اللزوم بينهما من اللزوم البين بالمعنى الأخص. هذا بحسب مقام الثبوت.