وقد أجيب عن هذا الإشكال بوجوه عديدة. ولكن بما أن تلك الوجوه بأجمعها مبنية على أساس وجهة نظر المشهور في باب الإنشاء فلا يجدينا شيء منها ، لما تقدم من فساد هذه النظرية فعليه لسنا بحاجة إلى بيان تلك الوجوه والمناقشة فيها. واما على ضوء نظريتنا في باب الإنشاء فلا مجال لهذا الإشكال أبداً ، وذلك لما ذكرناه غير مرة من انه لا واقع موضوعي للوجوب والثبوت ما عدى اعتبار المولى الفعل على ذمة المكلف وإبرازه في الخارج بمبرز ما ، ومن الطبيعي أنه لا يفرق في المبرز بين القول والفعل كما أنه لا يفرق في القول بين الهيئة والمادة ، ضرورة ان العبرة انما هي بالاعتبار النفسانيّ ومن المعلوم أنه لا يختلف باختلاف المبرز والكاشف كيف حيث انه لا شأن له ما عدى ذلك وعلى هذا فالمولى مرة يعتبر الفعل على ذمة المكلف على نحو الإطلاق ومرة أخرى يعتبره على تقدير خاص دون آخر كاعتبار الصلاة والطهارة على ذمة المكلف على تقدير زوال الشمس لا مطلقاً ، واعتبار الحج على تقدير الاستطاعة ، وهكذا ، فإذا كان الاعتبار قابلا للإطلاق والتقييد فالقضية الشرطية بمنطوقها تدل على التعليق أي تعليق الاعتبار على الشرط وبمفهومها تدل على انتفاء هذا الاعتبار عند انتفاء الشرط والمعلق عليه. ومن الواضح أنه لا فرق في دلالة القضية عليه بين أن يكون المبرز عن ذلك الاعتبار النفسانيّ هيئة كقولنا (ان جاءك زيد فأكرمه) أو قولنا (ان استطعت فحج) أو مادة كقوله عليهالسلام (إذا زالت الشمس وجب الطهور والصلاة) أو ما شاكل ذلك والسبب فيه هو أنه لا واقع موضوعي لهذا الإشكال بناء على ضوء نظريتنا ، لوضوح ان الاعتبار المزبور كما عرفت قابل للإطلاق وللتقييد فإذا افترضنا ان المولى اعتبره مقيداً بشيء ومعلقاً عليه من دون اقتضائه ذلك بنفسه فبطبيعة الحال ينتفي بانتفائه ، والمبرز عن ذلك في مقام الإثبات انما