الحاكم بالعدالة دون غيرهم من الفسّاق والمجهول حالهم ومنهم بالذين يعلمون أنّ معهم عادلاً آخر مثلهم دون الآحاد ومنهم بمن اجتمع فيه سائر شروط القبول وانتفاء المعارض له.
ولا دليل على ذلك التخصيص ؛ مع أنّه إخراج للأكثر ، وهو غير مجوّز عند المحقّقين.
فإن قيل : يمكن أن يكون أمر كلّ أحد بذلك من قبيل خطاب الكفّار بالفروع ، فأُمروا بها بأن يسلموا ويمتثلوا ، فكذا هنا ، أُمروا بأن يتّصفوا بالعدالة ثم يشهدوا.
قلنا : ليس شرط القبول العدالة فقط ، بل معرفة الحاكم عدالته.
فلو سلّمنا أنّهم أُمروا بالاتّصاف بالعدالة ، فهل أُمروا بتعريف عدالتهم عدالتهم عند كلّ حاكم وضمّ عادل آخر مع نفسه ونفى المعارض وجميع سائر الشروط؟! قيل : قال الصادق عليهالسلام لمن قال له : إنّ شريكاً يردّ شهادتنا ، قال : فقال : « لا تذلّوا أنفسكم » (١).
قلنا : الذلّة إنّما هي إذا كانت عند المخالفين أو للفسق لا مطلقا ؛ مع أنّهم حملوها على التحمّل دون الإقامة.
وقيل أيضاً كما نقله في المسالك إنّ الشهادة على الوالدين معطوفة على الشهادة على الأنفس ، وعطفت عليها الشهادة على الأقربين ، وهما مقبولتان ، فلو لم يقبل ذلك لزم عدم انتظام الكلام (٢).
قلنا : لا يلزم تطابق المعطوف والمعطوف عليه في جميع الأحوال والأوصاف ، ألا ترى أنّه تقبل الشهادة على النفس مطلقاً ، ولا كذلك الشهادة
__________________
(١) الفقيه ٣ : ٤٤ ، ١٥١ ، الوسائل ٢٧ : ٤١٢ أبواب الشهادات ب ٥٣ ح ٢.
(٢) المسالك ٢ : ٤٠٦.