مفاد الحروف ومفاد الإضافة إلا من حيث المفروغية وعدمها وقد عرفت لزوم اكتشاف الفارق الجوهري المانع عن صحة استعمال الإضافة في أكثر موارد استعمالات حروف الجر.
٤ ـ انَّ حروف الجر وهيئة الإضافة موضوعتان معاً للتخصيص والنسبة التقييديّة الناقصة ـ أي النسبة الخارجية ـ غير أن بينهما فرقاً من حيث مركز التقييد ومصبّه. فالحروف موضوعة لتقييد المفاهيم التركيبيّة التامة أي مفاد النسب التامة. والإضافة موضوعة لتقييد المفاهيم الإفرادية وتحصيصها. لأنَّ النسبة التامة يتصوّر في حقّها الإطلاق والتقييد بصورة مستقلة عن الإطلاق والتقييد في أطرافها ، فالذهن في موارد النسب التامة كما يمكنه أن ينتزع مفهوماً إفراديّاً محصصاً يجعله ظرفاً للنسبة التامة الحكمية كذلك يمكنه ان يبقى المفاهيم في أطراف النسبة التامة على إطلاقها ولكن يقيّد النسبة التامة نفسها. وفائدة ذلك تظهر في الموارد التي لا يمكن فيها تحصيص المفهوم الواقع طرفاً للنسبة التامة كما إذا كان مشخصاً مثلاً غير قابل للتخصيص والتضييق كقولك « زيد في الدار » فان التقييد بالدار راجع إلى النسبة التامة للجملة. وبهذا البيان يندفع النقض بموارد استعمالات الحروف التي لا يمكن تحويلها إلى الإضافة فانَّ مركز التحصيص والتضييق في تلك الموارد ليس هو الذات الواقعة موضوعاً لكي تضاف إلى المجرور بالحرف وانَّما مركزه هو النسبة التامة كما عرفت.
وما ذكر في هذا الوجه من وضع الإضافة للنسبة الناقصة التقييدية الطارئة على المفاهيم الإفرادية وإن كان صحيحاً إلا أنَّ تعيين معنى الحروف في تقييد مفاد النسب التامة ممَّا لا يمكن المساعدة عليه.
وذلك. أولا : لرجوع التقييد بالحرف في كثير من الأحيان إلى غير النسب التامة كما في موارد تعلّقها بالمصادر والأوصاف والاشتقاقيّة وهي لا تتضمن نسبة تامة. ودعوى : إمكان اقتناص مفاد تام في تلك الموارد باعتبار أنَّ الأوصاف تستبطن الاخبار مدفوعة : مضافاً إلى أنَّه قد لا يكون متعلق الجار والمجرور إلا المصدر وهو حتى لو قيل باشتماله على النسبة لا إشكال في عدم انحلاله إلى اخبار ونسبة تامة مستبطنة. أن الاستلزام المذكور للنسبة التامة لا يختص بالمشتقات بل ثابت في مطلق القيود