علي عمك الحسن وبما أوصاني به عمك ، إياك وظلم من لا يجد عليك ناصرا إلا الله ، ثم ودعه ومضى إلى المعركة الأخيرة التي قتل فيها.
فيا لها من ساعة محزنة مؤلمة ، ويا له من وداع تتفطر له القلوب إنه الوداع الأخير للأخوات والأهل وابنه الوحيد الذي لم يبق غيره من نسله.
وداع الحياة الفانية ولقاء الحياة الأبدية الباقية في جنة الخلد مع أمه الزهراء ، سيدة نساء العالمين ، وأبيه علي أمير المؤمنين وأخيه الحسن المسموم المظلوم ، وجده رسول الله خاتم الرسل والنبيين صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وعلي بن الحسين هو الذي دفن أباه والقتلى من أهله وأنصاره. ولما دخل الكوفة بعد ذلك ، بعد أن نفض يديه من تراب الشهداء الأبرار ، ومعه عماته وأخواته اجتمع عليهم الناس فهالهم ذلك المشهد وجعلوا يبكون وينوحون ويندبون ، ولما أجهشوا بالبكاء أومأ إلى الناس أن يسكتوا ثم وقف وقد أنهكه المرض فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي وصلى عليه ثم قال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي ، أنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أنا ابن من انتهك حريمه وسلب نعيمه وانتهب ماله وسبي عياله ، أنا ابن المذبوح بشط الفرات ، أنا ابن من قتل صبرا وكفى بذلك فخرا. ومضى يذكر أهل الكوفة بكتبهم ومواعيدهم وبما ارتكبوه من الفظائع حتى ضج الناس بالبكاء والعويل.
ولما أدخل على ابن زياد لعنه الله قال له : من أنت؟ قال : أنا علي بن الحسين ، فرد عليه بقوله : أليس قد قتل الله علي بن الحسين ، فأجابه الإمام : كان لي أخ يسمى عليا قتله الناس ، فقال ابن زياد : بل الله قتله ، فقال الإمام : الله يتوفى الأنفس حين موتها. فغضب ابن زياد وقال : أبك جرأة على رد جوابي ، وأمر جلاوزته بقتله ، فتعلقت به عمته زينب واعتنقته وقالت : يا بن زياد حسبك من دمائنا ما سفكت والله لا أفارقه فإن أردت