قتله فاقتلني معه ، فرق لها وتركه. ثم كتب يزيد بن معاوية إلى عبيد الله بن زياد يأمره بإرسال رأس الحسين ورؤوس القتلى مع السبايا إلى الشام ، أرسلهم إليه مع مخفر بن ثعلبة العائدي وشمر بن ذي الجوش ، وجماعة من جنده ، وكان كما يصفه الرواة مقيدا بالحديد ، ولما بلغوا بهم الشام خرج أهلها إلى استقبالهم بأبهى مظاهر الزينة والفرح. جاء في البحار عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال :
خرجت إلى بيت المقدس ، فلما توسطت الشام فإذا بمدينة مطردة الأنهار كثيرة الأشجار وقد علق أهلها الستور والحجب وهم فرحون ، والنساء تلعب بالدفوف والطبول ، فقلت في نفسي أرى لأهل الشام عيدا لا نعرفه ، فأقبلت على القوم وقلت لهم : يا قوم ألكم بالشام عيد لا نعرفه ، فقالوا : يا شيخ نظنك غريبا ، فقلت لهم : أنا صاحب رسول الله (ص) سهل بن سعد الساعدي وقد رأيت رسول الله وسمعت حديثه ، فقالوا : يا سهل ما أعجبك إن السماء لتمطر دما والأرض لتنخسف بأهلها ، فقلت لهم ولم ذاك : فقالوا : هذا رأس الحسين بن علي يهدى من أرض العراق إلى يزيد بن معاوية ، فقلت : وا عجباه رأس الحسين والناس يفرحون كما أرى ، من أي باب يدخل؟ فأشاروا إلى باب يقال له باب الساعات ، فبينما نحن في الحديث وإنا بالرايات يتلو بعضها بعضا ، وفارس بيده رمح منزوع السنان عليه رأس الحسين (ع) من أشبه الناس وجها برسول الله (ص) ووراءه نسوة على جمال بغير وطاء فدنوت من أولاهن وقلت : من أنت؟ قالت : أنا سكينة بنت الحسين. فقلت لها : ألك حاجة إلي؟ أنا سهل بن سعد ممن رأى جدك رسول الله ، قالت : يا سهل قل لصاحب هذا الرأس أن يتقدم أمامنا حتى يشتغل الناس بالنظر إليه عن النظر إلى حرم رسول الله (ص) ففعل وتم له ذلك. ثم دعا يزيد أشراف الشام ووجوهها وأجلسهم حوله وأمر بإدخال الإمام زين العابدين والرؤوس والسبايا فأدخلوهم عليه مربطين بالحبال ، فقال له علي بن الحسين : أنشدك الله يا يزيد ما ظنك برسول الله لو رآنا على مثل هذه الحالة ، فلم يبق أحد ممن