الوقوف في وجه أعداء الله وأعداء الإنسانية عامة. وهذا أمر سهل جدا لو تنازلوا عن حبهم للمنصب وتعلقهم في هذه الدنيا الفانية.
من هنا كان نداء الإسلام لأهل الفضل وما يستحقون من خير وجزاء. ولهذا حثّ الإمام زين العابدين (ع) أصحابه ودعاهم إلى إسداء الفضل وعمل المعروف إلى الناس كافة. قال (ع) :
٧ ـ « إذا كان يوم القيامة نادى مناد : ليقم أهل الفضل ، فيقوم ناس قبل الحساب ، فيقال لهم : إنطلقوا إلى الجنة ، فتتلقاهم الملائكة ويسألونهم إلى أين؟ فيقولون : إلى الجنة ، فإذا سألوهم عما استحقوا ذلك ، يقولون : كنا إذا جهل علينا حلمنا ، وإذا ظلمنا صبرنا ، وإذا أسيء إلينا غفرنا ، فيقال لهم : ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين.
ثم ينادي مناد : ليقم أهل الصبر ، فيقوم ناس ، فيقال لهم : إنطلقوا إلى الجنة ، فتتلقاهم الملائكة ويسألونهم مثل الأول. فيقولون : صبرنا أنفسنا على طاعة الله ، وصبرناها عن معصية الله عز وجل ، فيقولون لهم : ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين.
ثم ينادي مناد : ليقم جيران الله عز وجل ، فيقوم ناس ، فيقال لهم : انطلقوا إلى الجنة فتسألهم الملائكة عما استحقوا ذلك ، وما مجاورتهم لله عز وجل؟ فيقولون : كنا نتزاور في الله ، ونتجالس في الله ، ونتبادل في الله ، فيقولون : ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين .. » (١).
يدعو الإمام (ع) في هذا الحديث الشريف المسلمين خاصة إلى إسداء المعروف إلى الناس عامة والتحلي بمكارم الأخلاق التي توجب رفع مستوى الإنسان إلى أرفع الدرجات ، وبلوغه ذروة الشرف والكمال التي أرادها له رب العالمين. قال الله تعالى : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ، ج ٣ ، ص ٤٦.