ورسالة الحقوق منارة مضيئة تهدي الفرد إلى الطريق القويم فتوقظ ضميره وتحيي شعوره بالعقيدة الإسلامية الواضحة التي لا غموض فيها ولا تعقيد ، كما أنها تهدي الناس الذين يعملون بها إلى الخير العام سواء أكانوا شعوبا أم دولا أم حكومات من شتى الألوان والأجناس فتوطد العلاقات الاجتماعية بينهم على أسس ثابتة لا تتأثر بالأغراض الشخصية ولا تميل مع الرأي والهوى ، ولا غرو فهي مستقاة من المنبع الإلهي الأصيل من كتاب الله الصامت الذي « لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ».
رسالة الحقوق أم الرسالات ومصدر البطولات وملهمة الحضارات تكون للحاكم أساس عدله في حكمه ، وللعامل أساس صدقه في عمله ، وللمسلم طمأنينة وإيمانا ، وللمؤمن بهجة ورضا وللأمة نورا وحقا وعدلا.
وحسبها قيمة وفخرا أن غارس بذرتها هو من وحي الرسالة وعنصر الرحمة ومعدن العلم والحكمة ، من سلالة أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ..
قال تعالى : ( ... إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) [ الأحزاب : ٣٣ ] هو الإمام المعصوم علي زين العابدين (ع) الملقب بالسجاد لكثرة سجوده وعبادته ومع كثرة عبادته كثرة علمه الذي لا ينحصر في هذه الرسالة فحسب فالمجال متسع كثيرا لكل عالم أراد أن يعب من معارفه المختلفة ولكل باحث أحب أن يقتبس من حكمه وأدبه. لقد ترك للإنسانية تراثا خالدا وبحرا زاخرا بشتى العلوم والمعارف التي تفيد الإنسان في دنياه وآخرته ، وهي أشبه بالغيث تحيي النفوس بعد موتها وتبعث على طاعة الله والبعد عن معصيته ؛ وبمقدار ما يبلغ الإنسان من علوم الإمام زين العابدين يبلغ حدا بعيدا من العظمة مع الخالدين.
روى أبو حمزة الثمالي قال : « دخل قاض من قضاة أهل الكوفة على علي بن الحسين (ع) فقال