بدور فعال في تعليم الغناء للفتيان والفتيات ، فانتشر الغناء وانتشر معه المجون والفساد. ومن المؤسف حقا أن مدينة النبي (ص) صارت في العصر الأموي مركزا للحياة العابثة ، وكان من المؤمل أن تكون مصدر إشعاع للثقافة الدينية ومركزا هاما للتطور الفكري والحضاري في العالم العربي والإسلامي ، إلا أن ملوك بني أمية انتزعوا منها هذه الظاهرة الكريمة وأفقدوها زعامتها السياسية والاجتماعية والدينية.
ويبدو أن تركيز الأمويين على تدفق الجواري وإشاعة الغناء في هذه المدينة بالذات القصد منه هو تلهي الشباب بهذه الأمور وإبعادهم عن المطالبة بالخلافة والحكم. فالمال لديهم ، والجواري عندهم ، ودور الغناء والرقص موجودة للتلهي وإضاعة الوقت ، ولماذا الحروب والقيام بالثورة. هكذا كان يفكر الحكم الأموي.
إلا أنهم توهموا ذلك حيث قامت الثورات من كل جانب فكانت ثورة التوابين الذين ندموا أشد الندم على تركهم نصرة الحسين (ع). وثورة المختار ، وثورة ابن الزبير ...
مجون الأمويين :
عاش ملوك بني أمية كالقياصرة والأكاسرة ، حياة كلها لهو وعبث ، فامضوا لياليهم بشرب الخمور وإقامة حفلات الغناء والرقص ، وكان أول من آوى المغنين وشجع الغناء من بني أمية يزيد بن معاوية الذي بذل أبوه كل جهد حتى سلمه زمام الحكم. فقد كان يطلب المغنين والمغنيات من المدينة إلى الشام (١) ، ويتجاهر بالفسق والفجور ويشرب الخمر علنا لا يخاف لا من ربه ولا من مجتمعه.
ومن مجانهم المعروفين الوليد بن يزيد الذي باع عقله للشيطان
__________________
(١) الأغاني ، ج ٨ ، ص ٣٤٣.