مواقف الإمام من هذه التيارات :
أمام هذه التيارات الفاسدة المدمرة للأخلاق والقيم الإنسانية ، كان موقف الإمام زين العابدين (ع) متسما بالقوة والصلابة والجرأة ، فقد سلط عليها أشعة من روحه المقدسة التي تفيض بها الصحيفة السجادية. فهي بحق تربية أخلاقية واجتماعية وسياسية وروحية ، وذلك بما حوته من وعظ وإرشاد ، وما اشتملت عليه من قيم الإسلام وهدى أهل البيت عليهمالسلام.
لقد وقفت الصحيفة السجادية سدا منيعا لحماية الإسلام وصيانته من ذلك التفسخ الجاهلي الذي أوجده الحكم الأموي فقد نعت على الأمة ما هي فيه من الانحطاط الفكري والاجتماعي ودعتها إلى الانطلاق والتحرر من ذل المعصية إلى عز الطاعة طاعة الله العلي القدير خالق الكون وواهب الحياة.
يضاف إلى الصحيفة السجادية سيرة الإمام التي كانت تحكي سيرة جده الرسول الأعظم (ص) ومواقفه المحقة التي ترشد الضال وتهدي الحائر إلى الطريق القويم.
لكن نظرا للحالة السياسية والاجتماعية القلقة والمشحونة بالفتن والحروب والثورات التي كانت تحيط بالإمام زين العابدين ووجوده بين الأمة المظلومة ، وبين الملوك والأمراء القساة ، الجفاة ، المنحرفين عن الإسلام والذين يسومون الناس أنواع البلاء ، ففي خضم هذه التيارات كان موقف الإمام عليهالسلام صعبا جدا وحرجا للغاية.
ها هي واقعة كربلاء ماثلة أمام عينيه بدمائها ودموعها وأحزانها ..
وها هي وقعة الحرة واستباحة المدينة يعايش آلامها وأحزان أهلها ، وها هي الكعبة تضرب بالنار وبالمجانيق. هكذا كان أسلوب الحكام والملوك في عهده ، أما أنصاره فلا يجد لهم أثرا ولا يجد الرجل الذي يقف معه موقفا مؤيدا حتى الشهادة.