التي لا تحصى عددا. صل على محمد وآل محمد وادفع عني شره فإني أذرأ بك في نحره وأستعيذ بك من شره ».
فقدم مسرف بن عقبة المدينة وكان يقال لا يريد غير علي بن الحسين (ع) فأتاه فلما صار إليه قرّبه وأكرمه ، وحباه ووصله. وقال له :
أوصاني أمير المؤمنين ببرك وتمييزك من غيرك فجزاه خيرا ثم قال : أسرجوا له بغلتي وقال له : انصرف إلى أهلك فإني أرى أن قد أفزعناهم وأتعبناك بمشيك إلينا ولو كان بأيدينا ما نقوى به على صلتك بقدر حقك لوصلناك فقال علي بن الحسين (ع) : ما أعذرني للأمير ، وركب ، فقال مسرف لجلسائه : هذا الخير الذي لا شر فيه مع موضعه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومكانه منه » (١).
وكان الإمام زين العابدين (ع) لا يلزم نفسه بالدعاء فقط بل يوصي الآخرين من أهل بيته وخاصته ، وأصحابه وشيعته ، يوصيهم بالتعرض لنفحات الله عند الوقوع في شدة أو مصيبة. فكان الدعاء عنده سلاحا ناجعا ضد الطغاة والظالمين والمنحرفين عن الإسلام من ملوك بني أمية وولاتهم.
كتب الوليد بن عبد الملك إلى عامله على المدينة صالح بن عبد الله المري : أبرز الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ـ وقد كان محبوسا في حبسه ـ واضربه في مسجد رسول الله (ص) خمسمائة سوط ، فأخرجه صالح إلى المسجد واجتمع الناس وصعد صالح المنبر يقرأ الكتاب ثم ينزل فيأمر بضرب الحسن ، فبينما هو يقرأ الكتاب إذ دخل علي بن الحسين (ع) فأفرج الناس عنه ، لهيبته وتقاه حتى انتهى إلى الحسن ، فقال له : يا بن عم ادع الله بدعاء الكرب يفرّج عنك ، فقال : ما هو يا بن عم؟ فقال (ع) : قل وذكر الدعاء ..
قال وانصرف علي بن الحسين (ع) وأقبل الحسن يكررها فلما فرغ
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٤٦ ، ص ١٢٢.