فنورها يخرق سبع
الحجب |
|
يفوق نور نيرات
الشهب |
ما سجد الصادق
مهما صلى |
|
إلا عليها
وكفانا فضلا (١) |
ولما شاهدته عمته فاطمة بنت علي بن أبي طالب ما ناء به من الجهد في العبادة خافت عليه من أذية نفسه وهلاكها وهو بقية السلف وحمى الأمن ومعقد الآمال ومفزع المستجير فاتت جابر بن عبد الله الأنصاري ، وهو خاصتهم وصاحب جدهم رسول الله (ص). فلعله يستطيع أن يخفف العناء والجهد عن الإمام السجاد. فقالت له : يا صاحب رسول الله (ص) إن لنا عليكم حقوقا ومن حقنا عليكم أن إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا تذكرونه الله تعالى وتدعونه إلى البقيا على نفسه. وهذا علي بن الحسين قد انخرم أنفه وثفنت جبهته وركبتاه وراحتاه إذ آبا منه لنفسه في العبادة.
فأتى جابر باب علي بن الحسين فرأى على الباب أبا جعفر الباقر (ع) فاستأذنه في الدخول على أبيه. فدخل جابر على الإمام السجاد (ع) وهو في محرابه قد أنضته العبادة فنهض إليه الإمام وسأله عن حاله وأجلسه إلى جنبه. فقال له جابر : يابن رسول الله أما علمت أن الله خلق الجنة لكم ولمن أحبكم ، وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم؟ فما هذا الجهد الذي كلفته نفسك؟ فقال علي بن الحسين : يا صاحب رسول الله : أما علمت أن رسول الله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فلم يدع الاجتهاد له وتعبد بأبي هو وأمي حتى انتفخ الساق وورم القدم. فقيل له أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر.
فقال (ص) : أفلا أكون عبدا شكورا. فلما نظر جابر إلى علي بن الحسين لا يقبل قول من يستميله عن الجهد في القصد ، قال له يابن رسول الله : البقيا على نفسك فإنك لمن أسرة بهم يستدفع البلاء ويستكشف
__________________
(١) المقبولة الحسينية للشيخ هادي كاشف الغطاء ، ص ٨٩.