اللأواء وبهم تستمطر السماء.
فقال (ع) يا جابر لا أزال على منهاج أبوي متأسيا بهما صلوات الله عليهما حتى ألقاهما. فأقبل جابر على من حضر وقال : والله ما رؤي في أولاد الأنبياء مثل علي بن الحسين إلا يوسف بن يعقوب. والله لذرية الحسين (ع) أفضل من ذرية يوسف بن يعقوب وإن منهم لمن يملأ عدلا كما ملئت جورا (١).
قد نرى أن مثل هذه العبادة غريبة على الناس العاديين لكنها ليست بغريبة أبدا على مثل أهل البيت العابدين الزاهدين والطاهرين المنتجبين.
والإمام زين العابدين ليس بحاجة إلى الإطراء بكثرة صلاته في اليوم والليلة ألف ركعة (٢) ، ولا بمتابعة صيامه الذي قالت عنه مولاته : « ما فرشت له فراشا بليل قط ولا أتيته بطعام في نهار قط » (٣). وإنما ما يجب معرفته أنه عليهالسلام كان يقوم بهذه الأعمال العبادية بحق اليقين سواء من ناحية النية المقصورة على تأهل المولى سبحانه للعبادة ، لا من الخوف أو الرجاء كما سلف مثله عن جده أمير المؤمنين وسيد التقيين (ع) الذي يقول : « إلهي ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك ولكني وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك ».
فالإمام السجاد يعبد الله تعالى كما يعبده أهل بيته كأنه يراه ، ويخافه كأنه ينظر إليه وجلال المهيمن وعظمته متجلية لديه في كل الأحوال.
فلا غرو إذا ما تتحدث به الرواة من الرهبة والخشية التي تلفه عند المثول أمام المولى عز شأنه لأداء فريضة الصلاة فتضطرب أعضاؤه ويصفر
__________________
(١) أمالي الشيخ الطوسي ، ص ٤٧. وبشارة المصطفى ، ص ٨٠.
(٢) الخصال ، ج ٢ ، ص ١٠١.
(٣) علل الشرائع ، ص ٨٨.