الحدائق (١) ، وهو عجيب.
وحكى احتمال التفصيل بين الجاهل بالحكم والجاهل بالموضوع ، وأيضا بين الجاهل بأصل الحكم وبين الجاهل بالخصوصيّات.
والأقوى من هذه الأقوال هو التفصيل بين ما كان المأخوذ رباء معزولا موجودا يعرفه من دون خلطه أو امتزاجه بسائر أمواله ، خصوصا إذا كان صاحبه موجودا ويعرفه ، فيجب ردّه عليه ، وبين ما ليس كذلك ، فلا يجب ردّه وحلال أكله.
ومدرك هذا التفصيل هو صحيح الحلبي وما رواه أبو الرّبيع الشامي ، وإلاّ فمقتضى القواعد الأوّلية وأدلّة حرمة الربا وبطلان المعاملة الربويّة وجوب ردّ جميع ما أخذه عوض ماله في المعاملة الربويّة ؛ لأنّه مقبوض بالعقد الباطل الفاسد ، ولم ينتقل إليه شيء بذلك العقد.
فيده على ما قبض يد عادية يجب ردّه إلى مالكه إنّ لم يكن تالفا وكان موجودا وان تلف فهو ضامن ؛ لأنّ يده يد ضمان ، إلاّ أن يكون هو أقدم على إتلافه وهتك احترام ماله بواسطة علمه بالفساد. وإن لم يعرف المالك يكون من قبيل مجهول المالك ، يجب التصدّق عنه بإذن الحاكم.
وخلاصة الكلام : أنّ ما قبضه من الطرف في المعاملة الربويّة يكون من المقبوض بالعقد الفاسد ، وهو يجري مجرى الغصب ، فيكون القابض ضامنا. وادّعى الشيخ وفقيه عصره كاشف الغطاء ـ قدس سرّهما ـ الإجماع على ضمان القابض (٢) وقال ابن إدريس : إنّ البيع الفاسد يجري عند المحصّلين مجرى الغصب في الضمان (٣).
هذا حسب القواعد ، وأمّا مقتضى الروايات الواردة في الباب هو التفصيل الذي
__________________
(١) « الحدائق الناضرة » ج ٢٠ ، ص ٢٢٠.
(٢) « المكاسب » ص ١٠١.
(٣) « السرائر » ج ٢ ، ص ٣٢٦.