أخذ منه معروفا غير مجهول.
ولكن هذا المعنى والاحتمال مردود إجماعا ومخالف لقوله تعالى ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) (١).
الثاني : أن يكون المراد من الموعظة التحريم والنهي من قبل الشارع ، فيكون معنى الآية أنّه لو ارتكب المعاملات الربويّة وأخذ الربا قبل ورود النهي وقبل مجيء التحريم ، فلما ورد النهي من ربّه انتهى فله ما أخذ قبلا ، ولا يجب ردّ ما أخذ قبلا قبل ورود النهي والتحريم.
قال في مجمع البيان في تفسير هذه الجملة من الآية : فله ما أخذ وأكل من الربا قبل النهي لا يلزمه ردّه ، ثمَّ قال : « قال الباقر عليهالسلام : من أدرك الإسلام وتاب ممّا كان عمله في الجاهليّة وضع الله عنه ما سلف » (٢).
وبناء على هذين المعنيين لا ربط للآية بمحلّ كلامنا ؛ لأنّ محلّ كلامنا هو أنّه لو ارتكب الرباء جهلا بالحكم أو الموضوع بعد ورود النهي عن قبل الشارع ، فبعد ما التفت إلى أنّ في ماله ربا محرّم هل يجب ردّه إلى مالكه أم لا ، وهذا لا ربط له بأحد المعنيين.
نعم الآية بحسب الظاهر الأوّلي ظاهر في المعنى الأوّل ، ولكن لا بدّ من التصرّف فيه لمناقضته مع قوله تعالى ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) وبحسب شأن النزول والمورد في الآية التي بعدها يكون ظاهرا في المعنى الثاني ، وذلك من جهة أنّه روي عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام : « أنّ الوليد بن المغيرة كان يربي في الجاهلية وقد بقي له بقايا على ثقيف فأراد خالد بن الوليد المطالبة بها بعد أن أسلم فنزلت الآية ».
__________________
(١) البقرة (٢) : ٢٧٩.
(٢) « مجمع البيان » ج ١ ، ص ٣٩٠.