وجوب ردّه ، بل هناك قيد آخر ، وهو أن يعرف أهله أي من أخذ منه الربا ، أي صاحب الزيادة ومالكه. وكذلك الكلام في رواية أبي الربيع الشامي ، ولا وجه لما ذكروه من حمل الأمر على الاستحباب.
ولا شكّ في أنّ قوله عليهالسلام ـ فيما إذا كانت عين الزيادة معلومة مشخّصة معزولة مع أنّها ملك الغير يقينا ـ « خذ رأس مالك ودع ما سواء » لا مجال لحمله على الاستحباب ؛ إذ وجوب ردّ المال المعيّن المشخّص للغير مع معلوميّة ذلك الغير أمر عقلي ، فمع كون الأمر من طرف الشارع بردّه والقول بكون الأمر ظاهرا في الوجوب حمل الأمر على الاستحباب لا يخلو من غرابة.
فالأقوى هو التفصيل الذي ذكرناه ، بل الأحوط معاملة مجهول المالك معه إذا لم يعرف صاحبه ، خصوصا إذا كان المال معلوما ومعزولا ولا يكون مختلطا ومشاعا.
هذا مفاد الأخبار في المقام.
وأمّا الآية أي قوله تعالى ( فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) (١).
فمع قطع النظر عن استشهاد الإمام عليهالسلام بها وتطبيقها على موارد مذكورة في الروايات المتقدّمة ، ففيها احتمالات :
الأوّل : لو تاب المرتكب للربا عنه بعد ارتكابه مدّة من الزمن ، سواء كان عالما بتحريمه أم لا ، ثمَّ عرف فتاب بناء على أن تكون الموعظة بمعنى التوبة كما أنّها فسر بها في بعض الأخبار (٢) فله ما سلف ، أي الأموال التي أخذها رباء قبل أن يتوب يكون له وحلال له ولا يجب ردّه إلى صاحبه ، وإن كان المال معلوما معزولا وصاحبه الذي
__________________
(١) البقرة (٢) : ٢٧٥.
(٢) « مجمع البيان » ج ١ ، ص ٣٩٢ ؛ « تفسير العيّاشي » ج ١ ، ص ١٥٢ ، ح ١٥٦ ؛ « مسائل على بن جعفر » ص ١٤٧ ، ح ١٨٠ ؛ « نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى » ص ١٦١ ، ح ٤١٣ و ٤١٤ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٤٣٣ ، أبواب الربا ، باب ٥ ، ح ٧ ، ١٠ و ١٢.