وأيضا : عن أبيه قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : « لا يكون الربا إلاّ فيما يكال أو يوزن ، ومن أكله جاهلا بتحريمه [ بتحريم الله ] لم يكن عليه شيء » (١).
وبعد التأمّل في هذه الأخبار وردّ بعضها إلى بعض تكون ظاهرة فيما اخترنا من التفصيل.
بيان ذلك : إنّ بعض هذه الروايات وإن كانت تدلّ على العفو عمّا مضى وعدم وجوب غرامته عليه بعد التوبة مطلقا أو فيما إذا كان المرتكب حين ارتكابه جاهلا بتحريمه ، سواء كانت عين المال الربوي موجودة أو ليست بموجودة وكانت تالفة ، وسواء كان مشخصا معزولا أو كان مشاعا مخلوطا.
ولكن قوله عليهالسلام في صحيحة الحلبي « إن كنت تعلم بأنّ فيه مالا معروفا ربا وتعرف أهله فخذ رأس مالك وردّ ما سوى ذلك ، وإن كان مختلطا فكله هنيئا فإنّ المال مالك » يقيّد المطلقات بما إذا كان المال الربوي موجودا معروفا معزولا وتعرف صاحبه ، ففي هذه الصورة ليس مشمولا لحكم المطلقات من حلّية أكله وعدم ضمان عليه ، بل يجب ردّه إلى صاحبه.
وهكذا في رواية أبي الربيع الشامي ، لأنّ سياقها عين سياق صحيحة الحلبي ؛ لأنّ فيها أيضا : « إن كنت تعرف شيئا معزولا وتعرف أهله وتعرف أنّه ربا فخذ رأس مالك ودع ما سواه » إلى آخر الحديث.
والحاصل : أنّ صحيحة الحلبي المنقولة بطرق متعدّدة فرّق بين كون المال الربوي معروفا معزولا ، وبين كونه مشاعا ومخلوطا ، ففي الأوّل حكم بوجوب الرّد وإن كان المرتكب حال ارتكابه جاهلا بالحكم أو الموضوع ، وفي الثاني حكم بجواز أكله وعدم
__________________
(١) « نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى » ص ١٦٢ ، ح ٤١٤ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٤٣٣ ، أبواب الربا ، باب ٥ ، ح ١١.