اجتماع مالكين على مال واحد ؛ لعدم إمكان أن يقال إنّ نصف هذا الجزء لهذا الشريك ونصفه الآخر للآخر ، لعدم تصوير النصف فيه.
فالذي يقول بإمكان الجزء الذي لا يتجزّى وأنّ كلّ جسم مركّب منه ، فلا بدّ له من الالتزام بأحد أمرين : إمّا أنّ لكلّ جزء من تلك الأجزاء مالكين ، أو يلتزم بأنّ بعض تلك الأجزاء لأحدهما والبعض الآخر للآخر.
وحيث أنّ الثاني لا يلائم مع الإشاعة والشركة ؛ لأنّه بناء على الثاني مال كلّ واحد من الشريكين غير مال الآخر ، إلاّ أنّه غير متميّز خارجا ، فلا بدّ للقائل بالإشاعة والاشتراك من اختيار الوجه الأوّل ، وهو أن يكون لكلّ جزء مالكين ، وهو محال وباطل بالضرورة ، مضافا إلى أنّه لا يصدق عليه الشركة ولو التزم بذلك ؛ لأنّ مرجع هذا الوجه إلى أنّ تمام المال ملك لهذا الشريك وللآخر أيضا ، وهذا غير الشركة.
ولكن الذي يسهّل الخطب أنّ بطلان الجزء الذي لا يتجزّى في عصرنا هذا ينبغي أن يعدّ من البديهيّات.
ثمَّ إنّ الفرق بين هذا الوجه والوجه الأوّل هو أنّه لو تلف مقدار من المال المشترك يكون التلف من كلّ واحد من الشريكين أو الشركاء ؛ وذلك لما قلنا من أنّ مرجع هذا الوجه إلى أنّه أيّ جزء فرضت في هذا المال يكون نصفه مثلا لهذا الشريك ، ونصفه الآخر للآخر ، وهكذا في سائر الكسور ، وفي سائر الفروض وإن كان الشركاء أزيد من اثنين ، فالتالف بعضه لهذا الشريك ، وبعضه الآخر للشريك الآخر أو الشركاء الآخرين ، فالتلف يكون من كيس جميع الشركاء.
ففي الحقيقة إذا قلنا إنّ نصف هذا المال لأحد الشريكين ـ مثلا ـ مرجعه إلى أنّ أنصاف جميع الأجزاء المفروضة فيه له ، فلو تلف جزء من تلك الأجزاء المفروضة فتلف نصف ذلك التالف من كلّ واحد منهما.