وأمّا في الأوّل فالنصف الكلّي لأحد الشريكين ، وكذلك النصف الآخر للآخر ، فلو تلف نصف هذا المال لا يبقى لأحد الكلّيين مصداق ، فلا بدّ وأن يعيّن التالفة بالقرعة ؛ وذلك من جهة أنّه في المفروض للمال المشترك نصفان : أحدهما النصف التالف ، وثانيهما النصف الباقي ، فيكون كلّ واحد من النصفين لأحد الشريكين بلا تعيين ، فلا مناص إلاّ التعيين بالقرعة التي عيّنها الشارع لكلّ أمر مشتبه.
وبعد ما عرفت ما ذكرنا تعلم أنّ الصحيح من هذه الوجوه هو الوجه الأخير ، أي الوجه الثالث ؛ إذ هو الذي يسلم عن النقوض والإشكالات ، وهو الذي يفهمه العرف من الشركة ، ومقتضاه كون القسمة إفراز الحقّ لا المعاوضة والمبادلة بين أموال الشركاء أو مالي الشريكين.
بيان ذلك : أنّ كلّ كسر من الكسور إذا أضيف إلى شيء ، فيكون ما ينطبق عليه ذلك الكسر مصداقا حقيقيّا له ، مثلا إذا كان الكسر هو النصف مثلا ، فإذا أضيف إلى تمام المال ، فيكون كلّ نصف من أنصاف تمام ذلك المال مصداقا حقيقيّا لذلك الكسر ، وهكذا.
فإذا فرضنا أنّ هاهنا شريكين في مال ، فإذا قسمنا تمام ذلك المال نصفين ، فكلّ واحد من النصفين مصداق حقيقي لمفهوم ذلك الكسر المشاع الذي هو نصف المال ، وكذلك الأمر في جميع أجزاء ذلك المال إذا قسمناها بقسمين ، يكون كلّ قسم منها مصداقا حقيقيّا لذلك الكسر المشاع الذي يملكه كلّ واحد من الشريكين من ذلك المال.
ولا فرق فيما ذكرنا بين ورود التقسيم على الكلّ ، أو على أيّ جزء من أجزاء ذلك المال المشترك ، نعم كون هذا القسم بخصوصه لهذا الشريك والآخر للآخر يحتاج إلى معيّن من قرعة أو تراضيهما ، فليس في باب القسمة مبادلة ومعاوضة في البين ، كي