الكلام ؛ وذلك لأنّ ظاهر الكلام هو أنّ المنفي والمرفوع نفس الموضوع ، لا حكمه تقديرا أو تجوّزا ؛ لعدم احتياج إلى التقدير ، وعدم قرينة على التجوّز ، بل عدم صحّة إرادة الحكم من الموضوع لعدم علاقة بينهما.
ويمكن أن يكون المرفوع هاهنا نفس الموضوع حقيقة ، غاية الأمر رفعا تشريعيّا لا رفعا تكوينيّا ، نعم نتيجة الرفع التشريعي هو ارتفاع الحكم ، وقد شرحنا هذا المطلب وأوضحناه في حديث الرفع في كتابنا « منتهى الأصول » (١) وفي شرح قاعدة لا ضرر في كتابنا « القواعد الفقهية » (٢).
وخلاصة الكلام : أنّ نفي الربا في عالم التشريع في الموارد المذكورة مرجعه إلى نفي تحريمه ، ولكن بلسان نفى موضوعه حقيقة ، لا ادّعاء في عالم الاعتبار التشريعيّ.
وبعبارة أخرى : المنفي هو نفس الربا في محلّ البحث ، ولكنّ النفي نفي تشريعيّ ، ومعنى النفي التشريعيّ كونه بمنزلة العدم في نظر الشارع ، أي عدم ترتّب أثر شرعي عليه.
وبعد ما ظهر لك اعتبار هذه الروايات وحجّيتها ـ أمّا عند القدماء لأجل صحّتها على ما هو المصطلح عندهم من صحّة جميع ما هو موجود في الكتب المعتبرة كالكتب الأربعة وغيرها ممّا هو معتبر عندهم ، وأمّا عند المتأخّرين فلأجل جبر ضعفها بالاتّفاق المذكور ، والإجماعات المنقولة عن أعاظم الفقهاء ، حتّى أنّ المرتضى (٣) ـ قدسسره ـ عدل عن فتواه لأجل ذلك الإجماع ، وقد تقدّم ذكر هذا المطلب ، فلا يبقى مجال لما ذهب إليه ابن الجنيد (٤) من حرمة الربا حتّى في هذه الموارد الأربعة المتقدّمة ، مستندا إلى عمومات الكتاب ؛ إذ بعد الفراغ عن جواز تخصيص عمومات الكتاب وتقييد مطلقاتها بالخبر الواحد الحجّة ، وبعد الفراغ عن حجيّة هذه الأخبار لما ذكرنا ، فالعمومات تخصّص ، والمطلقات تقيّد.
__________________
(١) « منتهى الأصول » ج ٢ ، ص ١٧٤.
(٢) راجع « القواعد الفقهية » ج ١ ، ص ٢١١.
(٣) « الانتصار » ص ٢١٢.
(٤) نقله عنه في « مختلف الشيعة » ج ٥ ، ص ١١٠ و ١١٢.