يسمّى بخيار الشرط لأحد الطرفين أو كليهما. وهذا يرجع في الحقيقة إلى عدم التزامه المطلق وعلى كلّ حال ، بل التزام على تقدير دون تقدير.
وبعبارة أخرى : بعد ما عرفت أنّ العقود المنشأة بإنشاء لفظي لها دلالتان : إحداهما مطابقة ، والأخرى التزاما ، والثاني التزامه للآخر بالبقاء عند ما أنشأه بالمطابقة وعدم العدول عنه ، فالعدول والرجوع عمّا التزم به خلف ونقض ، وهذا قبيح.
وإن شئت قلت : إنّ التزامه لطرفه تمليك له ، فهذا الالتزام في اعتبار العقلاء يكون ملكا لطرفه وذلك بتمليكه إيّاه ، فكما لو وهب مالا لغيره ليس له الرجوع إليه عند العقلاء ، خصوصا بعد تصرّف الموهوب له فيه وإتلافه ، ليس له أن يضمّنه ويكون خارجا عن قاعدة الإتلاف تخصّصا لا تخصيصا ، فكذلك بعد ما التزم له بالوفاء العقلاء يعتبرون للملتزم له حقّ الإلزام له بالوفاء بما التزم به.
نعم الملتزم له لو رفع اليد عن حقّه بإسقاطه ، فلا يكون بعد ذلك ملزما بالعمل بالتزامه ، ويجوز له حلّ عقده وعهده ، وليس ذلك حينئذ خلف ونقض لعهده ، ومرجع الإقالة إلى هذا الذي ذكرنا.
فمعنى قول الملتزم للملتزم له « أقلني » أي ارفع اليد عن حقّك الذي كان عبارة عن أنّه كان لك إلزامي بالعمل بمقتضى هذا العقد ومضمونه ، فإذا كان اللزوم والإقالة من الطرفين فقهرا يرتفع اللزوم من البين ، فكأنّه بالنسبة إلى لزوم الوفاء لكلّ واحد منهما لم يكن عقد في البين ، ولعلّ هذا معنى انحلال العقد بالإقالة ، ولعلّ من هذه الجهة قالوا إنّ انحلال العقد بالإقالة وارتفاع اللزوم من البين يكون على القاعدة ، ولا يحتاج صحّة تأثيرها على وجود دليل في البين.
وخلاصة الكلام : أنّه لا يمكن إنكار أنّ بناء العقلاء في جميع الأعصار والأمصار على لزوم العمل بعقودهم وعهودهم ، وعدم قدرة الملتزم بمعاهدة وتعاقد ـ وإن كان التزامه بدلالة التزاميّة لألفاظ العقود والمعاهدات ـ على رفع اليد عن التزامه ، وحلّ