ملاحظة ارتباطه مع غيره كما توهّم ، إذ يمكن أن يكون المراد منهما هو الجعل الإلهي بملاحظة كون العمل بما ألزم فعله أو تركه ، وامتثاله بالإيجاد في الأوّل والترك في الثاني ، وترتيب الأثر في الوضعيّات شرطا لدخول الجنّة.
فكأنّ الله تبارك وتعالى جعل امتثال أحكامه والعمل بها مقدمة وشرطا لدخول الجنّة ، ولعلّ بهذا الاعتبار يقول جلّ جلاله ( إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ) (١) وأيضا قوله تعالى ( تِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها ) (٢) وأيضا قوله تعالى ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ ) (٣).
وخلاصة الكلام : أنّه يظهر من الآيات والأخبار أنّ الأحكام الشرعيّة ـ وضعيّة وتكليفيّة ـ امتثالها والعمل على طبقها وترتيب الأثر عليها في الوضعيّات شروط في عالم العهد والميثاق الذي يعتبر عنه بعالم الذّر في الأخبار من قبل الله تعالى لدخول الجنّة التي وعد بها المتّقون.
والحاصل : أنّ القول بأنّ الشرط بحسب مفهومه العرفي وما هو معناه الحقيقي يشمل مطلق الجعل الابتدائي كي يكون جميع العقود الابتدائيّة من مصاديق ذلك المفهوم ، ممّا ينكره الوجدان وما هو المتفاهم العرفيّ من هذه الكلمة.
ثانيهما : أن تكون هذه الجملة دالّة على وجوب الوفاء بالشروط تكليفا أو وضعا ، فيكون معناها أنّه يجب الوفاء على المؤمنين بشروطهم ، فيكون مساقها مساق ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) بعد هاتين المقدّمتين ، أي كون الشروط عبارة عن مطلق الإلزامات والالتزامات ، وكون معنى الجملة وجوب الوفاء بتلك الإلزامات والالتزامات ، وقد تقدّم شرح دلالة ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) على اللزوم.
__________________
(١) التوبة (٩) : ١١١.
(٢) التوبة (٩) : ٢٤.
(٣) يس (٣٦) : ٦٠.