والإنصاف أنّ هذه المقدمة الثانية لا إشكال فيها.
بيان ذلك : أنّ قوله « عند شروطهم » ظرف لغو متعلّق بأفعال العموم ، وهذا ظاهر الكلام لا يحتاج إلى الدليل ، كما بيّنّا ذلك في نظائره ، مثل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « وعلى اليد ما أخذت حتّى تؤدّيه » (١).
فتقدير الكلام أنّ المؤمنين أو المسلمين ثابتون أو واقفون أو مستقرّون ـ وأمثال ذلك ـ عند شروطهم ، فهي إمّا من قبيل إنشاء الحكم بصورة الأخبار الذي هو آكد في الوجوب من الجملة الطلبيّة الإنشائيّة ، كما قرّرناه في الأصول ، فيكون المعنى : يجب الثبوت عند الشروط وعدم الخروج عمّا التزم به ، وهذا المعنى من لوازم اللزوم.
وإمّا مفاده يكون ابتداء هو الحكم الوضعي ، بأن يكون الحكم بالثبوت كناية عن اللزوم. ويدلّ عليه استشهاد أمير المؤمنين عليهالسلام بهذه الجملة في قوله « من شرط لامرأته بشرط فليف لها به ، فإنّ المسلمين عند شروطهم ، إلاّ ما أحلّ حراما أو حرّم حلالا » (٢) فتمسّك بهذا الحديث النبويّة لوجوب الوفاء.
وعلى كلّ تقدير يكون مفاد الجملة هو اللزوم على تقدير صحّة المقدّمتين.
لكن عرفت أنّ صحّة المقدّمة الأولى في غاية الإشكال ، بل مناف للوجدان ؛ فلا دلالة لهذا الحديث الشريف على وجوب الوفاء بكلّ عقد كي يكون مفاده لزومها.
نعم يدلّ على وجوب الوفاء بالشروط الضمنيّة التي تقع في ضمن العقود اللازمة.
ومنها : الأخبار الكثيرة الواردة في لزوم البيع بعد التفرّق عن مجلس المعاملة ، بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « البيّعان بالخيار ما لم يفترقا » وإذا تفرّقا ـ أو « إذا افترقا » على اختلاف
__________________
(١) « سنن أبي داود » ج ٣ ، ص ٢٩٦ ، ح ٣٥٦١ ، « سنن ابن ماجه » ج ٢ ، ص ٨٠٢ ، ح ٢٤٠٠ ؛ « مسند احمد » ج ٥ ، ص ٨ و ١٣ ؛ « سنن البيهقي » ج ٦ ، ص ٩٥.
(٢) « تهذيب الأحكام » ج ٧ ، ص ٤٦٧ ، ح ١٨٧٢ ، باب الزيادات وفقه النكاح ، ح ٨٠ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٣٥٣ ، أبواب الخيار ، باب ٦ ، ح ٥.