طرق نقل الحديث الشريف ـ وجب البيع ولا خيار بعد الرضا » (١).
والمراد من الرضا في الحديث الشريف هو الرضا المعاملي ، أي اختيار المعاملة من غير كره ولا إجبار عليها ، لا طيب النفس ؛ وذلك لأنّ كثيرا من المعاملات ليست عن طيب نفس ، بل الحاجة والضرورة دعته إلى إيقاع المعاملة ، وعلى كلّ حال الذي لا يمكن إنكاره دلالة الحديث الشريف على لزوم البيع بعد انقضاء المجلس وحصول الافتراق بين المتبايعين ، وبناء على هذا إذا طرأ شكّ في لزوم البيع بعد حصول الافتراق لعروض حالة أوجبت الشكّ ، نتمسّك بهذه الأخبار للزومه وعدم الاعتناء بالشكّ.
وأمّا ما توهّم من أنّ الشارع جعل الافتراق غاية لهذا الخيار الخاصّ ، أي خيار المجلس ، ولا ينافي ذلك ثبوت الخيار من جهة أخرى إذا جاء الدليل عليه ، فليس أدلّة سائر الخيارات مخصّصا لهذا العموم ، وفي الحقيقة لا عموم في البين يدلّ على اللزوم مطلقا ، بل اللزوم يكون من ناحية خاصّة ، أي تماميّة خيار المجلس بحصول الافتراق فقط ، فلو احتملنا وجود خيار من ناحية أخرى ليس عموم يرفع الشكّ.
فعجيب من جهة أنّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « إذا افترقا وجب البيع » بعد قوله : « البيّعان بالخيار ما لم يفترقا » ظاهره وجوب البيع ولزومه من جميع النواحي ، ولا وجه لتقييده بناحية هذا الخيار ، أي خيار المجلس ، وإلاّ لو فتح هذا الباب لانسدّ باب التمسّك بالإطلاقات في جميع الموارد ، خصوصا بملاحظة قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « ولا خيار بعد الرضا » الذي نفي فيه جنس الخيار بلا النافية للجنس ، فيكف يمكن أن يقال إنّ المنفي هو انتفاء هذا الخيار فقط ، ولا يدلّ على انتفاء مطلق الخيار بحصول التفرّق.
__________________
(١) « الكافي » ج ٥ ، ص ١٧٠ ، ح ٤ ـ ٦ ؛ « التهذيب » ج ٧ ، ص ٢٤ ، ح ١٠٠ وج ٧ ، ص ٢٠ ، ح ٨٥ ؛ « الاستبصار » ج ٣ ، ص ٧٢ ، ح ٢٤ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٣٤٥ ، أبواب الخيار ، باب ١ ، ح ١ ـ ٣ ؛ « صحيح البخاري » ج ٣ ، ص ٨٤ ؛ « سنن النسائي » ج ٧ ، ص ٢٤٨ ؛ « صحيح مسلم » ج ٣ ، ص ١١٦٣ ؛ « سنن ابن ماجه » ج ٢ ، ص ٧٣٦ ، ح ٢١٨٢ ؛ « سنن الترمذي » ج ٣ ، ص ٥٤٧ ، ح ١٢٤٥.